في الضفة الغربية و قطاع غزة، أصبحت الأزمة الممتدة هي العُرف كنتيجة للنزاعات المسلحة المتكررة، تقييد النفاذ للموارد الطبيعية والأسواق، والقدرة المؤسساتية الضعيفة على الاستجابة مما أدى إلى انهيار سبل العيش و أزمة مستمرة في الحصول على الغذاء.
تمر منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بفترة مضطربة بشكل خاص: فقد شهدت 12 دولة في المنطقة اضطرابات مدنية أو صراعات ممتدة في السنوات الأخيرة. جنبا لجنب مع الفقر المزمن و تهديدات المخاطر الطبيعية، فإن عدد و حجم الأزمات الممتدة يدفع بالنظام الإنساني إلى حدود أبعد مما صُمم لتحمله. ففي العشر سنوات الأخيرة، تضاعف تمويل عمليات التدخل لأغراض إنسانية في المنطقة عشر مرات ( من 0.76 مليار دولار أمريكي إلى 7.63 مليار دولار أمريكي) ولكنه يظل غير كافي لتلبية الطلب المتزايد.
إن حالة الاستثمار في عملية الصمود في مواجهة الأزمات لم تكن أقوى مما هي عليه الآن حيث أن عمليات التدخل لأغراض إنسانية و تنموية تحتاج إلى تعزيز قدرات النظم الاجتماعية الاقتصادية المتضررة من الأزمات الممتدة على الاستيعاب و التكيف و التغيير. ويقصد بهذا أن التركيز على القدرة على التحمل و الصمود قد يساعد في تجنب الأزمات الإنسانية وتقديم حلول مستدامة إضافية و أسرع للأزمات عند حدوثها.
في الفترة من 2014 إلى 2015، زاد طلب الموارد بموجب خطة الاستجابة الاستراتيجية من 88 إلى 538 مليون دولار أمريكي مع زيادة النسبة المطلوبة لتلبية الاحتياجات المرتبطة بالأمن الغذائي من أقل من 30% إلى حوالي 60%.
و في مثل هذا السياق، فإن المسألة ليست في الحاجة للاستثمار في القدرة على التحمل و الصمود في مواجهة الأزمات من عدمه، بل كيفية تفعيل المفهوم بشكل ملموس في البرامج. تدعم الجهود المتواصلة استخدام اعتبارات القدرة على التحمل و الصمود في صياغة عمليات التدخل وكإطار تنظيمي للعمل المشترك و المساءلة المتبادلة المتزايدة بين الحكومات، والأطراف الفاعلة في المجال الإنساني والتنموي، و المانحين. غير أنه حيث أن القدرة على التحمل و الصمود لا يمكن ملاحظتها مباشرة و يمكن قياسها فقط عن طريق النمذجة، فمن الصعب استخدامها كمؤشر لأثر القدرة على التحمل المتوقع للمشروعات.
ولسد هذه الفجوة، تدعم منظمة الأغذية و الزراعة استخدام قياس وتحليل مؤشر الصمود في مواجهة الأزمات في الضفة الغربية و قطاع غزة وذلك لفهم العوامل التي تجعل الأسر المعيشية قادرة على الصمود في وجه الصدمات والضغط . يستخدم التحليل بيانات من المسح الاجتماعي- الاقتصادي و مسح الأمن الغذائي – الذي يقوم مكتب الإحصاء الفلسطيني بجمعه سنويا- وذلك لإدراج القدرة على التحمل و الصمود كأحد أبعاد تقدير انعدام الأمن الغذائي مع دعم من الشركاء الأساسيين في قطاع الأمن الغذائي مثل وكالة الأمم المتحدة لغوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى ( الأونروا)، برنامج الأغذية العالمي، و أوكسفام.
وحيث أن قياس وتحليل مؤشر الصمود في مواجهة الأزمات يحدد المحددات الأساسية و محددات السياق المتصلة بالقدرة على التحمل و الصمود - متغيرات مثل الأصول أو الدخل أو النفاذ إلى شبكات الأمان – و أهميتها النسبية ( “ الأوزان”) في كل سياق محدد، فيمكن استخدامه لتحديد نظام قياس الصمود في مواجهة الأزمات ينطبق على كل مشروع في خطة الاستجابة الاستراتيجية. وبالطبع، في حين أنه لا يمكن أن نقرر لأي مدى سيزيد مشروع ما من القدرة على التحمل و الصمود، فمن الممكن تسجيل الآثار المتوقعة لأحد المشروعات على الأصول أو الدخل أو النفاذ لشبكات الأمان و غيرها من المتغيرات القابلة للملاحظة؛ يمكن استخدام الوزن لتجميع الدرجات في “ قياس واحد للصمود في مواجهة الأزمات”.
دورة قياس القدرة على التحمل و الصمود في مواجهة الأزمات
يجب تقرير قياس القدرة على التحمل و الصمود من خلال عملية تسجيل تشاركية للمشروعات، وفي الوضع الأمثل يتم هذا من خلال اللجنة ذاتها المعنية بخطة الاستجابة الاستراتيجية المنشأة لتقييم المشروعات الإنسانية. إن عملية قياس القدرة على التحمل والصمود الناتجة عن ذلك تُطلع متخذي القرار على الأثر المتوقع لعمليات التدخل المتصلة بالصمود في مواجهة الأزمات و الصدمات. إن المؤشرات المستخدمة للتسجيل و القياس يمكن أن تستخدم لمتابعة و تقييم أداء المشروعات، في حين أن المعلومات المستمدة من تقييم المشروعات يمكن أن تستخدم لتحسين نظام التسجيل و القياس، مع إبراز التفاوت بين الأثر المتوقع و الفعلي للمشروع على القدرة على التحمل والصمود.
يقوم قطاع الأمن الغذائي في الضفة الغربية و قطاع غزة بتجربة مثل هذا النهج و يَعْد بالمساعدة لتبسيط التركيز على عملية الصمود في البرامج في المراحل المختلفة من دورة البرامج الإنسانية – من مرحلة التحديد و التشكيل إلى تخصيص الأموال ومتابعة و تقييم الأثر في الضفة الغربية و قطاع غزة و أبعد من ذلك.