من خلال حدث جانبي حظى بحضور كبير وذلك في الاجتماع الواحد وأربعين للجنة الأمن الغذائي العالمي الذي عُقد في روما بتاريخ ١٧ تشرين الأول / أكتوبر ٢٠١٤ ، قام المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بالتعاون مع شركاء التنمية، وبرنامج بحوث السياسات والمؤسسات والأسواق بالمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، والمكتب الإقليمي للشرق الأدنى بمنظمة الأغذية والزراعة ( الفاو)، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية/ قسم منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا بعرض نتائج أحدث الدراسات حول الأمن الغذائي في المنطقة العربية وبإطلاق مدونة الأمن الغذائي و التغذوي في البلدان العربية.
في العالم العربي، فإن انعدام الأمن الغذائي ليس فقط نتاجا للنزاع ، بل يمثل أيضا سببا رئيسيا للنزاعات المدنية ، بدرجة أكبر في البلدان العربية مقارنة ببقية العالم. ويبدو أن الأحداث الأخيرة مثل الاضطرابات الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء في ٢٠٠٧ ـ ٢٠٠٨ والانتفاضات العربية في ٢٠١٠ ـ ٢٠١١ تؤكد دور انعدام الأمن الغذائي كعنصر محفز في حالة عدم الاستقرار السياسي والنزاعات المدنية. بإيجاز، كما أكد السيد محمد الظاهر، اقتصادي النظم الغذائية الإقليمية بمنطقة الشرق الأدنى، منظمة الأغذية و الزراعة “السلام أساسي لتحقيق الأمن الغذائي، والأمن الغذائي أساسي لحفظ السلام.”
من المرجح أن تؤدي السياسات والبرامج والمشروعات التي تبني القدرة على تحمل الأزمات و الصدمات و تحسن الأمن الغذائي و التغذوي أيضا إلى الحد من النزاعات كما أوضح د. أوليفيه إيكر، زميل باحث بالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، كأحد الرسائل الأساسية خلال هذا الاجتماع. ويجب أن تركز السياسات والبرامج التي ترمي إلى بناء القدرة على تحمل الصدمات على زيادة تكلفة الفرصة البديلة للمشاركة في النزاع ( عن طريق ، على سبيل المثال، التنمية الريفية، وتوليد فرص العمل والدخل، وشبكات الأمان الاجتماعي، وتكوين رأس المال البشري) إضافة إلى أن البرامج والمشروعات التي تعتمد نهجا تشاركيا يقوده الطلب وتدعم الدمج والتماسك الاجتماعي ( مثل: مشروعات الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في ذمار و الدحلا في اليمن) تميل إلى أن تكون أكثر نجاحا في بناء القدرة على تحمل صدمات الأمن الغذائي و التغذوي و منع النزاع.
يتطلب تحسين السياسات و التدخلات معلومات إضافية وأفضل، إضافة إلى المتابعة والتقييم ، كما أبرزت د. خالدة بوزار، مدير قسم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وأوروبا، الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، والتي ترأست أيضا هذه الفاعلية الجانبية. إن صعوبة توافر البيانات إضافة إلى صعوبة الحصول على البيانات القائمة عبر العالم العربي تؤدي إلى وجود نطاق محدود لتحسين عملية اتخاذ قرار قائم على البراهين وكذلك لمتابعة المشروعات و تقييمها.
يبرز حاليا التعاون الإقليمي بين الأجهزة المختلفة كآلية قوية لتعزيز الفاعلية المؤسسية و التأثير على أرض الواقع، بما في ذلك العمليات بين الحكومات على الأصعدة الإقليمية والعالمية. ومن أجل تحسين القاعدة المعرفية للعالم العربي، قام المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، تحت قيادة د. كلمنز بريسنجر، زميل باحث أول بالمعهد، بالتعاون مع شركاء التنمية، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، وبرنامج بحوث السياسات والمؤسسات والأسواق بالمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية، في المساعدة في بناء منصة معرفية للعالم العربي تعرف بالحيز العربي. الحيز العربي هو أول أطلس تفاعلي ومستودع للبيانات في العالم العربي يمكن للجميع النفاذ إليه”، كما أوضحت السيدة بيريهان الرفاعي، محلل باحث أول بالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية. إن مدونة الأمن الغذائي و التغذوي في البلدان العربية من خلال التمويل المشترك من جانب منحة مقدمة من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية خاصة “ بتقليل التعرض للنزاعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن طريق التنمية الريفية” ويترأسها د. نديم خوري، نائب الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، تهدف إلى إثراء النقاش المثار حول الأمن الغذائي و التغذوي عن طريق آراء الخبراء وتقديم منصة لمناقشة هذه القضايا عبر العالم العربي.
يستلزم الأمر تعاونا إقليميا أكبر داخل العالم العربي لبناء القدرة على تحمل الأزمات. تشتمل التحديات الصاعدة على ما يلي: معالجة النزاعات وتداعياتها الإقليمية، السياسات التجارية، النقل والبنية التحتية، المياه والطاقة، البحث والتطوير، والتدفقات المستمرة للاستثمارات الأجنبية المباشرة ويتعين مجابهتها على الصعيد الإقليمي. “ إن بناء القدرة على تحمل الصدمات يعني مساعدة الأفراد، والمجتمعات، والدول، والمؤسسات العالمية على منع ، وتوقع، والاستعداد للصدمات ومواكبتها و التعافي منها و ليس فقط العودة للوراء لما كان عليه الحال قبل حدوثها، بل التحول إلى وضع أفضل.”
Photo Credit: IFAD