لعقود، ظل دعم الغذاء من الدعائم الأساسية لسياسة الحماية الاجتماعية في مصر. وحيث أن مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، فإنها تنفق مليارات الدولارات كل عام لدعم الخبز- عنصر غذائي حيوي للسكان الذي يتجاوز عددهم 80 مليون نسمة – إضافة إلى مواد غذائية أساسية أخرى محدودة. في ظل اعتماد السكان على دعم الغذاء، فإن إصلاح المنظومة كان دوما مسألة حساسة من الناحية السياسية.
غير أنه في أعقاب الانتخابات الرئاسية في آيار/ مايو 2014 بدأت مصر في تنفيذ إصلاحات جوهرية في منظومة دعم الغذاء بغرض تخفيف عبء المالية العامة الكبير والمتنامي بسرعة على الميزانية العامة للدولة مع زيادة فعالية المنظومة. تشهد التغييرات الأخيرة خطوات مهمة صوب نظام قائم على القسائم ويوفر الأساس لتنفيذ نهج مستهدف بشكل أكبر. وقد يكون لهذا آثار غذائية إيجابية، حيث تقلل – وإن كانت لا تلغي تماما- الحوافز الاقتصادية المعتبرة لاستهلاك نظام غذائي غير متوازن، نظام كان غني بشكل واضح بأغذية ذات سعرات حرارية كثيفة ( الخبز، زيت الطهي، السكر، والأرز).
حتي الآونة الأخيرة، كان دعم الغذاء في مصر يصدر في الأساس عن طريق برنامجين منفصلين – برنامج الخبز البلدي وبرنامج البطاقات التموينية. يمكن تقسيم الإصلاح الأخير في منظومة دعم الغذاء إلى خمسة عناصر – حيث يشير أول عنصرين إلى التغييرات في برنامج الخبز البلدي و العناصر الثلاثة الأخيرة إلى تغييرات في برنامج البطاقات التموينية:
نقل دعم الخبز البلدي إلى نهاية سلسلة التوريد. في آب/ أغسطس 2014، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخليةعن تعديلات كبرى في اللوائح المنظمة لإنتاج الخبز البلدي، والتي تتوافق مع التوصيات المشتركة للخبراء للحد من التسربات في سلسلة التوريد. ألغيت حصص المخابز في الدقيق البلدي. بدلا من ذلك، على المخابز شراء الدقيق البلدي بأسعار السوق ويمكن شراء أي كمية من الدقيق البلدي. في المقابل، تقوم الحكومة بتغطية تكاليف الإنتاج كافةً للخبز البلدي عن طريق ودائع نقدية مباشرة في الحسابات المصرفية للمخابز يوميا. مازالت اللوائح القائمة حول الخبز البلدي مطبقة ( 100 جرام من الدقيق في الرغيف؛ 1,160 أرغفة من شوال دقيق واحد يزن 100 كجم). يظل سعر الخبز أيضا ثابتا بالمنافذ عند سعر خمسة قروش للرغيف الواحد ( أقل من 0.01 دولار أمريكي).
قصر شراء الخبز البلدي على حملة بطاقات التموين واستحداث الحد الأقصى من حصص الخبز. تمثل عملية حصر شراء الخبز البلدي في حملة بطاقات التموين السارية تغييرا أساسيا في برنامج الخبز البلدي، مما ينهي حقبة دعم الغذاء الشامل أثناء الحرب العالمية الثانية. يحق لكل عضو أسرة معيشية مسجل في بطاقة التموين العائلية الحصول على 150 رغيفا يوميا. يمكن صرف سلع أخرى مدعومة ببرنامج بطاقات التموين دون حد أقصى وخلال العشرة أيام الأولى من الشهر التالي عوضا عن حصص الخبز البلدي غير المستخدمة. يمثل هذا التغيير خطوة في اتجاه دمج برنامجي الخبز البلدي وبطاقات التموين المنفصلين عادة والسماح للمستفيدين باختيار السلع التي تتوافق بشكل أفضل مع احتياجاتهم.
التحول من بطاقات التموين الورقية إلى البطاقات الإلكترونية الذكية. في أواخر شهرأيلول/ سبتمبر 2014، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخليةأنه، مع نهاية عام 2014، ستكتمل عملية التحول من بطاقات التموين الورقية ( الكتيب) إلى البطاقات التموينية الذكية، وستصبح بطاقات التموين الورقية غير سارية اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 2015 وما يليها. سوف تستخدم البطاقات التموينية الذكية ذاتها في شراء السلع المدعومة بموجب برنامج بطاقات التموين وشراء الخبز البلدي. زادت الحكومة من تغطية برنامج بطاقات التموين ( من المحتمل بغرض تضمين الأسر المعيشية التي تعتمد على الخبز البلدي المدعوم وإن كانت لم تكن مغطاة حتى ذاك الوقت من خلال برنامج بطاقات التموين). من المتوقع أن يبلغ مجموع بطاقات التموين السارية 18.2 مليون بطاقة مع نهاية عام 2014 – زيادة تربو على 8% مقارنة بعدد البطاقات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، حينما كان برنامج بطاقات التموين يغطي 66.4 مليون مستفيدا (82% من إجمالي السكان).
زيادة عدد المواد المدعومة والسماح بالاختيار من المجموعة. في تموز/ يوليو 2014، وسعت الحكومة من سلة السلع المدعومة بموجب برنامج بطاقات التموين عن طريق إضافة 22 سلعة جديدة، وصولا إلى إجمالي 32 سلعة في بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2014. تتضمن الإضافات الجديدة موادا غذائية ( بما في ذلك، اللحوم والدجاج والسمك والبقول ومنتجات الالبان ولا تتضمن الخضروات أو الفاكهة) وبعض المواد غير الغذائية ( منتجات النظافة والمواد المنظفة) – وبعض من هذه المنتجات تطرح في أكثر من عبوة ( ومن علامات تجارية مختلفة)، ومن المتوقع أن تلبي احتياجات الفئات المستفيدة بشكل أفضل.
استبدال الحصص المرتكزة على الكميات بتخصيصات نقدية. في ظل برنامج بطاقات التموين الجديد، تستلم كل أسرة معيشية مستفيدة تخصيصا نقديا شهريا على بطاقة التموين الذكية، والتي يمكن صرفها مقابل أي من السلع المدعومة وفق أي من وحدات التعبئة المتاحة، بدلا من إصدار حصص مرتكزة على الكميات لعدد محدود من المواد الغذائية المدعومة ( زيت الطهي، السكر، الأرز، والشاي الأسود) وفق المنظومة القديمة. يمنح هذا بعض المرونة للمستفيدين فيما يتعلق باختيار المشتريات المدعومة. يتوقف المبلغ المخصص لكل أسرة معيشية على عدد أعضاء الأسر المعيشية المسجلين، كما كان عليه الحال في الحصص الممنوحة فيما سبق. اعتبارا من تموز/ يوليو 2014، يبلغ التخصيص الشهري على بطاقة التموين 15 جنيها لكل شخص مسجل ( ما يعادل 2.10 دولارا أمريكيا وفقا لسعر الصرف الرسمي في تموز/ يوليو 2014) وبلغ 22 جنيها مصريا ( 3.08 دولارا أمريكيا) لكل شخص مسجل أثناء شهر رمضان. عند شراء السلع المدعومة، يتعين على المستفيدين المساهمة بمبالغ صغيرة من جيبهم الخاص والتي تبلغ ، في المتوسط، أقل من 10% من استقطاعات بطاقات التموين لجميع السلع تقريبا.
تظل أسعار السلع المدعومة ( بما في ذلك المبلغ المستقطع من بطاقة التموين والمبلغ المشترك الذي يدفعه المستفيد) ثابتا و دون أسعار السوق الحرة. غير أن أسعار المواد الغذائية المدعومة التقليدية قد ارتفعت بشكل كبير. فقد ارتفع سعر السكر المدعوم من 1.25 جنيها مصريا ( 0.18 دولار أمريكي) إلى 4.40 جنيها ( 0.62دولارا) – أو ، حوالي 252% ؛ وفيما يتصل بزيت الطهي من 3 جنيهات (34.0 دولارا) إلى 7.35 جنيها ( 1.03 دولارا) – أو، حوالي 145%؛ وبالنسبة للأرز المدعوم فقد ارتفع السعر من 1.5 جنيها ( 0.21 دولارا ) إلى 2.4 جنيها ( 0.34 دولارا) – أو، حوالي 60%؛ وفيما يتصل بالشاي الأسود، فقد ارتفع السعر من 13 جنيها ( 1.82 دولارا) إلى 15 جنيها ( 2.10 دولار لأكبر عبوة) – أو حوالي 15%. بناءً عليه، فقد انخفض مبلغ الدعم لكل شخص مسجل بحوالي 10.9 جنيها ( 3.63 دولارا) لكل شهر ولكل أسرة معيشية لديها أربعة أشخاص، أو أقل، مسجلين. أدى هذا التغيير إلى تقليل التكاليف السنوية لبرنامج بطاقات التموين بحوالي 123.9 جنيها ( 17.35 دولارا) لكل مستفيد – أو، ما يقرب من 40%.
Photo Credit: Reuters/ Amr Abdallah Dalsh