إن اليمن واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم. في عام 2009، عانى 31.5% من اليمنيين من انعدام الأمن الغذائي، و بحلول عام 2011 ارتفع الرقم إلى ما دون 45% بقليل. ووفقا لآخر أرقام مستمدة من تقرير ثلاثي حديث حول الأمن الغذائي، فقد انخفض معدل انعدام الأمن الغذائي خلال السنوات الثلاث الماضية إلى حوالي 40 في المائة، منها 46% يعانون من انعدام أمن غذائي حاد.
يبلغ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية أكثر من ضعف المناطق الحضرية إضافة إلى أن الأسر المعيشية التي تعولها المرأة تعاني من انعدام الأمن الغذائي بشكل أكبر من تللك التي يعولها الذكور. وفيما يتعلق بتقزم الأطفال فإن اليمن هي ثاني أسوأ دولة في العالم في معدلاتها حيث تجاوزت النسبة 41% في 2014 ، وإن كانت أقل مما كانت عليه في عام 2011 ( 46%). وسجل سوء التغذية معدلات أعلى في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية في 2014 كما أن معدلات التقزم بين الفتية كانت أعلى من بين الفتيات.
ورغبةً في معالجة مشكلة انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وضعت استراتيجية الأمن الغذائي الوطنيةفي عام 2010 من خلال الجهود المشتركة للحكومة اليمنية. وكانت الحكومة اليمنية ممثلة في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وزارة الزراعة والري، وزارة الثروة السمكية، وزارة التجارة والصناعة، وزارة الصحة والسكان، ووزارة الشؤون الاجتماعية و العمل إضافة إلى عدة هيئات أخرى وصناديق التنمية. شارك أيضا الشركاء الدوليون وكذلك عدة جهات مانحة ومنظمات تنمية دولية. قام المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بقيادة التمرين من الناحية الفنية وقدم بحثا يرتكز على البراهين الداعمة وذلك لتوجيه العملية برمتها. وبعد ذلك بوقت قصير، توقفت الاستراتيجية الوطنية بعد ثورة 2011 والتحولات السياسية اللاحقة.
أعيد تنشيط الاستراتيجية الوطنية في عام 2013 عن طريق ورشة عمل وطنية تحت رعاية معالي رئيس الوزراء. في ورشة العمل هذه، اتفقت الأطراف المختلفة على أن النتائج الرئيسية للاستراتيجية ما زالت سارية رغم مضي الوقت منذ اعتمادها في عام 2010. وقام ممثلو الوزارات التنفيذية والجهات المحلية الأخرى إضافة إلى الجهات المانحة التي شاركت مسبقا في صياغة الاستراتيجية الوطنية بالتوسع في النتائج الرئيسية للاستراتيجية و خلصوا إلى قائمة شاملة وافية بالتدخلات ذات الأولوية تغطي قطاعات الاقتصاد الأساسية.
نوقشت تلك التدخلات ذات الأولوية كذلك في ورشة عمل أخرى عقدت في منتصف عام 2014 في صنعاء. قام ممثلو الوزارات التنفيذية ذات الصلة والقطاعات الفرعية الكبرى بمناقشة التدخلات ذات الأولوية التي ترجمت حينئذ إلى مشروعات أمن غذائي و تغذوي ذات أولوية. ثم نوقشت المشروعات ذات الأولوية ( المستمرة والجديدة) بدورها وصادقت عليها الوزارات التنفيذية ثم حددت الميزانية المقترحة. من المقرر تقديم القائمة الشاملة بالمشروعات ذات الأولوية جنبا إلى جنب مع تحليل لتقديرات التكلفة إلى المجلس الوطني للأمن الغذائي الذي يترأسه معالي رئيس الوزراء من أجل اعتمادها. وسوف تواصل الوزارات التنفيذية تنفيذ المشروعات القائمة في مجال الأمن الغذائي وسوف تقدم قائمة المشروعات الجديدة للجهات المانحة المختلفة من أجل الحصول على تمويل محتمل.
وحاليا مع ترجمة الاستراتيجية الوطنية من وثيقة نظرية إلى خطة عمل وطنية فمن المهم التمكن من الرصد والتقييم. إن حيز اليمن الإلكتروني، الأداة التي تسمح بعملية الرصد والتقييم هذه، مجهز حسب إطار يتمثل هدفه الأساسي في دعم، ومتابعة وتقييم تنفيذ استراتيجية الأمن الغذائي الوطنية. تكمن الرؤية وراء هذه الاستراتيجية في حصول الشعب اليمني كافةً على غذاء كافٍ ومغذي في كل الأوقات من أجل حياة نشطة و صحية – أي أن يحظى الشعب بالأمن الغذائي . تهدف الخطة إلى تحقيق الأمن الغذائي من خلال نهج قطاعي شامل وحاسم . يتمثل الهدفان الاستراتيجيان التي يقاس تنفيذ استراتيجية الأمن الغذائي الوطنية من خلالهما في الآتي – الحد من كلا انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية المزمن. سوف يتضمن الحد من انعدام الأمن الغذائي في اليمن تخفيض النقص في السعرات الحرارية بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2020، وتخفيض النقص في السعرات الحرارية إلى 10 في المائة بحلول عام 2025. ومن أجل الحد من سوء التغذية المزمن ، فيتعين تخفيض معدل تقزم الأطفال بنسبة 7 نقاط مئوية بحلول عام 2020 ثم بنسبة 12 نقطة مئوية على الأقل بحلول عام 2025.
إن الطريق شديد الانحدار، بيد أنه من خلال الرؤية الصحيحة والأدوات المناسبة والشراكات القوية و الالتزام، فإن الحد من انعدام الأمن الغذائي في اليمن يمكن أن يتبع مسارا معتمدا بشكل تام تحدده استراتيجية الأمن الغذائي الوطنية.