**إن الأمن الغذائي لا يضمن “ الأمن التغذوي **
رغم أن الأمن الغذائي يشمل توافر الأغذية، فرص الحصول على الأغذية، استخدام الأغذية وثبات فرص الحصول على الأغذية ، فإن الأمن التغذوي غالبا ما يهمل.
إن الأمن التغذوي عنصر أساسي من الأمن الغذائي، حيث أن التغذية السليمة تتطلب أكثر من مجرد طاقة كافية لكل رجل و امرأة و طفل، فإن الاحتياجات الإنسانية يمكن أن تلبى فقط عن طريق تنوع المغذيات الكلية و الدقيقة لضمان الصحة الجيدة و منع الأمراض.
تعاني منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا من نقص المغذيات، حتى في الدول الغنية نسبيا. إن توافر بل ومدخول الطاقة غير كافي لضمان الأمن الغذائي حيث أن البلدان الغنية و الفقيرة في المنطقة على حد سواء تظهر في الوقت ذاته انعدام الأمن التغذوي في شكل التقزم، الوزن الزائد والسمنة، من خلال نقص المغذيات الدقيقة. في الوقت الراهن في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، فإن كثير من السياسات و البرامج و الاستراتيجيات التي تتناول الأمن الغذائي تميل لمناقشة الإنتاج الزراعي و توافر الغذاء ولم تناقش التحديات المتصلة بإمكانية الحصول على الغذاء وجودة الغذاء الذي يستهلكه السكان.
الأمن التغذوي من خلال الأربعة أبعاد للأمن الغذائي
يجب أن تكون التغذية جزءا محوريا من الأبعاد الأربعة للأمن الغذائي. وعليه، فإن جميع السياسات و البرامج التي تتناول توافر الأغذية، فرص الحصول على الأغذية، استخدام الأغذية وثبات فرص الحصول على الأغذية يجب أن تغطي كلا من المغذيات الكلية و الدقيقة.
توافر الأغذية
عند مناقشة توافر الغذاء – أو الإنتاج الزراعي – نحتاج للنظر في جودة و كمية المغذيات. وتَعد برامج الزراعة الحساسة للتغذية بتوفير ميزة اقتصادية و نظم غذائية مغذية و أكثر تنوعا ، مما يحسن مباشرة من الأمن الغذائي. على سبيل المثال، يمكن أن يقوم المزارعون بإنتاج أصناف من الأرز المحصن بيولوجيا تحتوى على مقدار أكبر من الحديد و الزنك و/أو الأسمدة المكملة مع الزنك كاستراتيجيات فعالة لتحسين محتوى المغذيات الدقيقة للنبات و لتخفيف حدة نقص المغذيات الدقيقة.
إمكانية الحصول على الأغذية
يمكن تحقيق فرص الحصول على الأغذية عن طريق الإنتاج الذاتي، وشراء أو تلقي مساعدة غذائية. غير أن هذه القنوات كافةً ينبغي أن تحقق و/ أو تشجع عملية توفير غذاء سليم و مغذي. ويمكن أن تقوم برامج الدعم بدور كبير في جعل الأغذية الغنية بالمغذيات متاحة على نطاق أوسع للأسر المعيشية و الأفراد كما أن إصلاحات الدعم التي تحسن كلا من مدخول الطاقة وتنوع المغذيات خطوة مهمة تجاه الأمن التغذوي.
استخدام الأغذية
ترتبط التغذية في الأغلب الأعم ببُعد الاستخدام في الأمن الغذائي. ينبغي أن تضمن سياسات وبرامج الأمن الغذائي أن كل فرد يمكنه استهلاك أغذية سليمة و مغذية. كما أوضح فان، فإن نقص المغذيات الدقيقة لا يوجد بمعزل عن عناصر أخرى ولكنه يحدث في الوقت ذاته مع نقص التغذية، والوزن الزائد و السمنة، على مستوى الأفراد و عبر السكان في البلدان الأفقر و الأغنى على حد سواء. ولهذا فإن زيادة الوعي التغذوي لا يجب أن يستهدف فقط البلدان أو الشعوب الفقيرة – والتي قد تواجه بشكل كبير ثغرات في الوصول إلى متطلبات الطاقة أو المغذيات – ولكنه يجب أن يستهدف أيضا البلدان الأغنى التي تعاني من نفض مغذيات حتى حينما يكون مدخول الطاقة لديهم مفرطا. على سبيل المثال، كما يتضح في الشكل البياني أدناه، فإن دول الخليج العربي الأغنى تشهد انتشارا بمعدل مرتفع لمرض الانيميا و نقص اليود و فيتامين د. كما أن معدل انتشار التقزم مرتفع رغم مدخول طاقة يؤدي إلى الوزن الزائد و السمنة. يمكن لبرامج التثقيف و التوعية التغذوية مثل التدخلات القائمة على المجتمع التي تستهدف الأطفال في سن المدرسة و الكبار أن تركز على أغذية سليمة و كثيفة المغذيات وتساعد الأفراد على اختيارات غذائية مُثلى و صحية.
ثبا ت فرص الحصول على الأغذية
إن محتوى المغذيات الكلية و الدقيقة للأغذية مهم عند النظر إلى ثبات فرص الحصول على الأمن الغذائي. وينبغي أن تضمن برامج التغذية الطارئة أن المحتاجين من الأفراد يحصلون على سلة الغذاء أو مساعدة قائمة على القسائم تقدم المغذيات الكلية و الدقيقة. على سبيل المثال، إن توفير المواد الغذائية الأساسية إلى اللاجئين و المحرومين مثل الزيت و السكر و الدقيق قد يساعد في تلبية احتياجات الطاقة غير أنها لا تقدم مباشرة تنوع البروتين و المغذيات الدقيقة المطلوبة للنمو و الإعالة الكافيين، و يمكن أن يساهم في نقص المغذيات التي تؤثر على نمو الأطفال و صحة الكبار.
تحقيق الأمن التغذوي
ينبغي إدراج الأمن التغذوي في جميع السياسات و البرامج و الخطط الاستراتيجية الوطنية التي تتناول الأمن الغذائي. إن جعل التغذية مكونا أساسيا في الأمن الغذائي من شأنه أن يوجه سياسات و برامج الدعم، و سوف يطلع و يوجه السياسات و البرامج صوب زراعة حساسة للتغذية تنظر إلى كلا من احتياجات المزارع والمستهلك. إن جهود لجنة الأمم المتحدة الدائمة المعنية بالتغذية لجمع و نشر أهم التوصيات لتحسين التغذية عن طريق الزراعة هي مساهمات مهمة ، ويجب إجراء المزيد من الاختبار و المراجعة لهذه التوصيات داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المستقبل. من أجل تحقيق ذلك، يجب أن يدعم صناع السياسات الأمن التغذوي و علاقته بالأبعاد الأربعة للأمن الغذائي. يجب أن تشارك الحكومات و الوزارات في حوار السياسات حول التغذية من أجل الأمن الغذائي، وتخصص تمويلا كافيا للبرامج عبر الأبعاد الأربعة كافةً ، وأن تكون مسؤولة عن تحقيق نتائج إيجابية للتغذية من خلال النطاق الكامل لبرامج الأمن الغذائي.