واجه الاقتصاد اليمني خلال السنوات القليلة الماضية سلسلة من الأزمات المتتالية والتحديات الطارئة تمثلت في ضعف الاستقرار السياسي والأمني ومن ثم الاقتصادي والاجتماعي.
وخلال العام الماضي 2014، تعرض الاقتصاد اليمني لصدمة جديدة خلفتها حالة التدهور غير المسبوق في المشهد السياسي والأمني والتي أدت إلى تداعيات غير مواتية على مختلف مؤشرات التنمية ومزيد من تفاقم الأوضاع المعيشة للسكان. وفيما يلي سيتم تقديم عرض موجز حول تطورات الوضع الاقتصادي بالتركيز على تحليل مؤشرات النمو الاقتصادي والتضخم وموقف الموازنة العامة للدولة عام 2014، وفي الأخير، سيتم اقتراح حزمة من السياسات والإجراءات.
النمو الاقتصادي
يتوقع في ضوء البيانات الأولية انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحوالي-12.9% عام 2014. ويعود ذلك إلى عدة عوامل أبرزها أزمة المشتقات النفطية في النصف الأول من عام 2014 والتي استمرت لحوالي أربعة شهور. وكذلك الصراع المسلح خلال النصف الثاني من عام 2014 في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات. علاوة على انعكاسات الوضع الحرج للموازنة العامة للدولة، وبالذات تراجع الإنفاق الاستثماري العام بحوالي 26.3%. فضلاً عن تدني ثقة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي. ومحصلة لذلك، انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 1,343 دولار عام 2013 إلى 1,261 دولار عام 2014.
وفي هذا الصدد، فإنه يتوقع مزيد من تفشي مشكلة الفقر والحرمان خلال العام الجاري 2015 في حال عدم التوصل لاتفاق بين المكونات السياسية للخروج من الأزمة الحالية في اليمن.
نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي %
المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء، كتاب الإحصاء السنوي 2013. بيانات 2014 تمثل تقديرات عبر اللجنة الفنية للتوقعات الاقتصادية.
وفيما يتعلق بمستويات التضخم، تشير بيانات التضخم إلى تفاوت المعدل العام لتضخم أسعار المستهلك من شهر إلى آخر خلال الفترة يناير-نوفمبر 2014. حيث تراوح بين أعلى قيمة له (10%) في أغسطس وأدنى قيمة (5.8%) في شهر مايو. ويعود وصول معدل التضخم لذروته في شهر أغسطس إلى رفع الدعم عن الوقود. ولا شك أن ارتفاع مستويات التضخم يترتب عليه آثار سلبية على القوة الشرائية لفئات الفقراء، وأوضاعهم المعيشية.
الموازنة العامة للدولة 2014 تظهر البيانات الفعلية الأولية حدوث انخفاض ملحوظ في العجز الصافي للموازنة العامة للدولة إلى 4.8% عام 2014 مقارنة بحوالي 8.7% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013، بسبب حدوث زيادة في الإيرادات العامة من جهة، وتنفيذ حزمة من الإجراءات المالية التقشفية، وتقليص النفقات الاستثمارية من جهة أخرى.
الإيرادات العامة
ارتفعت الإيرادات العامة للدولة بحوالي 5.3% عام 2014، نتيجة زيادة قيمة المبيعات المحلية للوقود، وزيادة نصيب الحكومة من عائدات صادرات الغاز الطبيعي المسال بـ 107.1%. إضافة إلى تقديم دعم مباشر للموازنة من المانحين في شكل منح وقروض خارجية والتي نمت بمعدل 114.9% مقارنة بعام 2013، ومثلت حوالي 13.5% من إجمالي الإيرادات.
وفي المقابل، انخفضت إيرادات صادرات النفط الخام من حوالي 2.7 مليار دولار عام 2013 إلى 1.8 مليار دولار عام 2014، بمعدل بلغ -33% عام 2014. ويرجع ذلك إلى التراجع المستمر في كميات إنتاج النفط الخام من 100.1 مليون برميل عام 2010 إلى 65.3 مليون برميل عام 2013 ثم إلى 56.8 مليون برميل عام 2014 متأثرة جزئياً بتفجير أنابيب نقل النفط الخام. وكذلك تراجع الأسعار العالمية للنفط الخام تدريجياً من 105 دولار للبرميل في يونيو 2014 إلى 59.3 دولار للبرميل في ديسمبر 2014.
النفقات العامة
شهدت النفقات العامة للدولة انخفاضاً بحوالي -6.5% عام 2014، وتشير البيانات الأولية إلى انخفاض النفقات الجارية بمعدل -3.8% عام 2014 بسبب تراجع قيمة فاتورة دعم الوقود بحوالي -17.8%، وكذلك تعليق صرف بعض بنود نفقات الصيانة والسلع والخدمات التي انخفضت بما يقارب -25% مقارنة بعام 2013. أما نفقات أجور وتعويضات العاملين ومدفوعات الفائدة على الدين العام فقد استمرت في الزيادة.
وفيما يتعلق بالنفقات الرأسمالية والاستثمارية، فقد تراجعت بمعدل -26.3% عام 2014، وذلك من أجل السيطرة على عجز الموازنة العامة في الحدود الآمنة. حيث لم يتم إنفاق سوى 33.2% من إجمالي النفقات الرأسمالية المخصصة في موازنة عام 2014. وساهمت التمويلات الخارجية في تغطية 54% مما تم انفاقه فعلاً على الجانب الاستثماري. الأمر الذي انعكس سلبياً على مساهمة الموازنة في دعم النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل والتخفيف من الفقر.
وفي ظل الانخفاض الملحوظ في كل من إنتاج النفط الخام وأسعاره العالمية، إضافة إلى تعليق معظم دعم المانحين، فإن موازنة العام الجاري 2015 تواجه صعوبة في تغطية ليس فقط النفقات الرأسمالية ولكن أيضا النفقات الحتمية.
** السياسات والإجراءات المقترحة **
تحقيق الاستقرار السياسي والأمني من خلال:
• تحقيق الاستقرار الأمني وتعزيز سيادة القانون وتحقيق الاستقرار السياسي واستكمال الانتقال السلمي والآمن للسلطة. • اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان وقف جميع أشكال العنف وانتهاكات القانون والعمل على إنهاء جميع النزاعات المسلحة. • تنفيذ قانون تنظيم حيازة وحمل السلاح.
تعزيز دور القطاع الخاص وتهيئة بيئة مواتية للاستثمار الخاص بالتركيز على:
• معالجة العوائق التي تواجه المشاريع المتعثرة، وتطوير منطقة عدن. • تقوية مؤسسات الأعمال المتوسطة والصغيرة لدعم فرص النمو الاقتصادي المستدام والتخفيف من الفقر.
تحسين البنية التحتية والتركيز على رفع كفاءة القطاعات الإنتاجية الواعدة:
• تحقيق الاستغلال الأمثل للثروة السمكية، وتكثيف جهود البحث والتنقيب عن النقط والغاز. • توفير طاقة كهربائية كافية لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي للكهرباء بصورة مستدامة.