يوجد ما يقرب من 1.4 مليار شخص يعيشون في هذه المناطق الهامشية التي تعتمد في الغلب الأعم على الزراعة كمصدر للرزق و البقاء.
إن الأمن الغذائي و التغذوي العالمي مفهوم معقد ومتعدد الأوجه. ومع مرور الوقت، تطور المفهوم ليعكس اعترافا على نطاق اوسع بأوجه الصعوبة المتصلة بالقضايا الفنية و السياسات ذات الصلة ، وقد عُدل المفهوم وفقا للفهم المشترك لطبيعة مشكلة الغذاء، وتطور النظام الغذائي العالمي. ولقد مر التعريف بمراحل عدة وصولا إلى صياغة مشتركة اعُتمدت في مؤتمر القمة العالمي للأغذية في 1996 و لقد نقح بشكل أكبر في تقارير تقدم سير العمل عن ” وضع انعدام الأمن الغذائي في العالم”والتي قررت أن الأمن الغذائي يتحقق “ حينما يحصل الكافة، في جميع الأوقات، من الناحية المادية و الاجتماعية و الاقتصادية على غذاء كافٍ وآمن و مغذي يلبي احتياجاتهم الغذائية والأفضليات الغذائية من أجل حياة نشطة و صحية.” وفي حال عدم استيفاء أي من هذه الركائز الثلاث، فإن انعدام الأمن الغذائي سيسود.
ومع أخذ هذا التعريف في الحسبان، ندرك أن النظم الزراعية تحتاج إلى مجموعة من الحلول لمعالجة انعدام الأمن الغذائي و التغذوي الفعلي و المحتمل مستقبلا . من المؤكد أن التحديات العالمية المتمثلة في النمو السكاني، نفاد الموارد الطبيعية، و تأثير تغير المناخ تتطلب أسلوب تفكير مبتكرا حول الإدارة المستدامة لجميع البيئيات ( المنزرعة و الهامشية). وتعرض عدة دراسات لبراهين و أدلة مفصلة عن تأثير الأصناف المُحسنة، وممارسات الإدارة ، والتجديدات في السياسات المصاحبة الخاصة بزيادة المحاصيل وكذلك الدخل كنتيجة للثورة الخضراء.
أثناء فترة الثورة الخضراء، نشط نَهج زراعي - صناعي؛ ولقد عزز هذا النَهج الإنتاجية فقط لحوالي 16 سلعة من المحاصيل الغذائية في بيئات ذات إمكانات مرتفعة. إن تأثير هذه النُهج الزراعية- الصناعية أو الزراعية على المناطق الهامشية كان ضئيلا بوجه عام. و في الواقع، تشير البراهين إلى أن توسع الثورة الخضراء اتجه إلى تحقيق النفع للمزارعين ذوي الموارد الضخمة بدلا من ملايين من صغار المزارعين، وبخاصة هؤلاء الذين يعيشون في مناطق هامشية . ولقد نجم عن ذلك تأثير مريع حيث يوجد ما يقرب من 1.4 مليار شخص يعيشون في هذه المناطق الهامشية التي تعتمد في الغلب الأعم على الزراعة كمصدر للرزق و البقاء.
و يستلزم الأمر استراتيجيات خلاقة لتحسين معيشتهم، حيث أن الكثيرين يسعون وراء أسباب عيش متدنية في أراضٍ هامشية، مع تكنولوجيا غير كافية لتعزيز الإنتاجية أو الموارد المالية او الرأسمالية. وتوجد ثغرة كبيرة فيما يتعلق بالحد من الفقر و تحقيق الأمن الغذائي / التغذوي في العالم وهو ما يسعى المركز الدولي للزراعة الملحية وشركاؤه لمعالجتها.
ولقد سعت التجديدات و الابتكارات التي تركز على الأراضي الفقيرة و الهامشية إلى تقييم الخيارات المتصلة بالأراضي الهامشية ذات الجودة و الموارد المائية، و بخاصة الإدراك الواضح لأهمية تصميم التدخلات مع قدرة متزايدة على تحمل الظروف الصعبة المتنامية. في السنوات القادمة، فإن التقدم التكنولوجي يبشر بتحقيق هذه الهداف بوتيرة أسرع و بتكلفة أقل.
إن التصور الجديد للمناطق الهامشية يتضمن ابتكارات تكنولوجية مستمدة من تطبيقات OMICS التي تؤدي إلى استخدام ذكي للمياه مصمم لسياقات نظم بيئية و مناخية معينة. وتستفيد تلك الابتكارات من التقدم في مجالات أخرى مثل تكنولوجيا المعلومات، تكنولوجيا النانو، و استخدام المجسّات ، وذلك لتعظيم المنافع الاقتصادية في نظم الفلاحة .
و من خلال التركيز على البلدان العربية، يتضح أن أغلبها تقع في مناطق جافة او شبه جافة مع مشكلات خطرة تتعلق بشح المياه و نسبة كبيرة من السكان في مجتمعات زراعية. إن التوقعات لعامي 2030 و 2050 ، المرتكزة على تقديراتالهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ و بيانات أطلس مخاطر المياه تخلص إلى أنه من المتوقع أن تعاني تلك البلدان من تراجع كبير في الإنتاجية الزراعية بسبب الاتجاه إلى تهميش الأراضي الزراعية المفضلة في ظل تنامي الإجهاد المائي. وتوجد حاجة ملحة لدعم الاستثمار في البلدان العربية في مجال البحث و التطوير من أجل إيجاد حلول مناسبة للزراعة في ظروف هامشية.
يتعين طرح مسألة النهوض بالبحث و الطوير في البيئات الهامشية حيث يمكنها ان تضطلع بدور رئيسي في مجال الأمن الغذائي و التغذوي على الصعيد العالمي. من أجل تغذية سكان الغد، يتعين الاستفادة من جميع الموارد القائمة على نحو مستدام.