إن مبادرة الترابط المناخي تبني جسوراً بين أهداف التنمية، الأطراف الفاعلة والمبادرات، مع جمع قيمة مضافة من خلال التعاون والتكامل.
لقد أبرز ما يعرف بالربيع العربي أهمية إدراك أفضل إلى تزايد تعقد إدارة الضعف الاجتماعي وعدم الاستقرار، الفقر وعدم المساواة، الهجرة والنمو السكاني، والتطور العمراني، ليس فقط بسبب القيود الطبيعية مثل محدودية الأراضي الصالحة للزراعة والمياه العذبة. إن التغير المناخي يزيد من تعقيد عدد من هذه الاتجاهات، مما يجعل الصدمات الطبيعية والإجهاد الطبيعي مثل الجفاف متكررة بوتيرة أكبر، وأكثر كثافة، وفي بعض الأحيان، يؤدي إلى خلق مناطق ساخنة جديدة من المخاطر تتطلب تحركاً عاجلاً ومشتركاً.
أقرت جامعة الدول العربية اتجاها إيجابياً في عدد المبادرات التي تتناول التحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة العربية مثل ما يرتبط بشح المياه والأمن الغذائي، التغير المناخي والجفاف، تدهور الأرض والتصحر، ضمن تحديات أخرى. عُرضت بعض من هذه التحديات في منتدي المياه العربي الثالث الذي عقد بالقاهرة في الفترة من 9-11 كانون الأول/ ديسمبر 2014. ولقد أعربت جامعة الدول العربية عن قلقها، مع توافق في الآراء أيضا بين عدة منظمات شريكة، بشأن الحاجة المحتملة لإدراج العمل القائم وإيجاد آلية تنسيق بينهم، من أجل ضمان الفاعلية وتجنب تكرار الجهود.
إن مبادرة الترابط المناخي تساعد على تحقيق هدف جامعة الدول العربية لتحقيق ترابط أكبر بين السياسات عبر أهداف التغير المناخي، الحد من مخاطر الكوارث، الأمن الغذائي والمائي، والضعف الاجتماعي. ولقد استفادت عملية تصميم المبادرة من عملية التشاورات خلال العام 2015 في القاهرة بين المكاتب الإقليمية لعدم وكالات وهيئات مثل المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية. ويتضمن هذا اجتماعات مع الشركاء من خلال استضافة برنامج الأغذية العالمي في 4 حزيران/ يونيو، ومكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في 14 تموز/ يوليو. لقد شُكلت مجموعة أساسية تتألف من جامعة الدول العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، برنامج الأغذية العالمي، مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، ورابطة مواطني العالم، بغرض قيادة عملية تصميم المبادرة. ولقد استفادت العملية كثيراً من الدعم الفني من مبادرة مرونة تكيف المناخ العربي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
تهدف مبادرة الترابط المناخي إلى تنمية قدرات جامعة الدول العربية والدول الأعضاء لاتخاذ قرارات ووضع سياسات تدير بشكل أفضل التعقد المتزايد للمخاطر ودعم القدرة على التحمل والمرونة. إن التنمية في المنطقة العربية عملية معقدة للغاية وغير خطية، مع وجود الصدمات والضغوط كمعيار جديد. ويتطلب هذا نُهج متكاملة بدرجة أكبر تتناول محركات تقاربية للتغيير واستجابات السياسات عبر التخصصات المختلفة. ومن شأن مبادرة الترابط المناخي المساعدة على تطوير قدرات الشركاء الإقليميين والمحليين لمجابهة الفجوات القائمة وذلك لتحقيق تنمية مطلعة على المخاطر على نطاق أوسع وتساعد على تعزيز القدرة على التحمل والمرونة.
ومن بين الفجوات الأساسية عدم وجود “نموذج قوي للمنطقة العربية” يساعد على فهم طبيعة المخاطر التقاربية في المنطقة وآثار ذلك على أهداف التنمية في المنطقة وما دونها. ومن خلال تحسين استخدام العلم وقدرات الشبكات في المنطقة، يمكن أن تبرز صورة أفضل لنموذج المخاطر والقدرة على التحمل والمرونة في المنطقة. وتوجد فجوة مهمة مماثلة في استخدام العلم لعمليات اتخاذ القرار، مع وجود سياسات وممارسات تنمية غالبا لاتتواءم مع تحليل السياق الفعلي وأيضا مع الاحتياجات التي تبرز من خلال العلم و توليد البيانات الدقيقة.
إن مبادرة الترابط المناخي تبني جسوراً بين أهداف التنمية، الأطراف الفاعلة والمبادرات، مع جمع قيمة مضافة من خلال التعاون والتكامل.
إن المبادرة هي منصة للبرامج المشتركة بين جامعة الدول العربية والوكالات الشريكة وصولا إلى مجموعة من النتائج في المنطقة تدمج عملية تعقد المخاطر وتقدم حلولا للتنمية قائمة على المرونة والقدرة على التحمل. من خلال هذه المبادرة، تبذل الجهود : لتعزيز التعاون الإقليمي وشبكات المعرفة عبر التخصصات المختلفة؛ الاستجابة للفجوات في العلم والبيانات اللازمة لإدارة المخاطر؛ وتعزيز استخدام المؤشرات ونظم الإنذار المبكر؛ بناء القيادات والقدرات المحلية فيما يتعلق بالمخاطر والقدرة على التحمل والصمود؛ ودعم التغير التحولي في سياسات التنمية.
بناءً عليه، حددت أربعة مجالات عمل مهمة لتحقيق مجموعة متكاملة من النتائج في ظل أجندة التنمية ما بعد 2015، خطة العمل العربية للتغير المناخي، والاستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث.
إن المبادرة لفترة 2015-2020 سوف تؤدي إلى توليد سلسلة من المشروعات تندرج تحت مجالات العمل هذه، بينما ستدعم المبادرة أيضا إنشاء شبكات بين المؤسسات الإقليمية والوطنية ومراكز التميز عبر التخصصات المختلفة. من خلال ذلك، ستساعد المبادرة على إيجاد تعاون وتآزر بين القطاعات للحد من تجزئة الجهود، ويجعل الجهود القائمة “ أكبر من مجموع الأجزاء”.