في الذكري الخامسة للثورة المصرية، يقع الإصلاح الاقتصادي في أعلى الأجندة الحكومية لوضع البلاد على طريق التعافي الاقتصادي لتحقيق نمو مرتفع وسريع يمكن أن يتقاسمه كل المصريين. ولهذا الغاية، تلخص هذه المدونة نتائج دراستين حديثتين نشرهما (ERF) منتدى البحوث الاقتصادية من إعداد حسني و قنديل و مهتدي (3 201) ” الاقتصاد المصري فيما بعد الثورة: تشخيص قطاعي لمواطن القوة المحتملة والقيود الملزمة” و حسني (2015)”هل نحن على يقين بآثار الثورة المصرية ؟ (SURE) منهج معادلات الانحدار غير المرتبط ظاهريا” وتعد هاتان الدراستان من أول الدراسات البحثية الشاملة لمحاولة إدراك وتشخيص ما ثبت جدواه وما لم تثبت جدواه قبل هذا الحدث التاريخي وبعده من أجل المضي قدماً بالاقتصاد المصري وإطلاق الإمكانات الاقتصادية للبلاد. يقصد بهذا، على وجه الخصوص، استخدام البيانات الخاصة بالمخرجات والاستثمارات قبل وبعد 25 يناير لعشرين قطاع اقتصادي مختلف، مما يوضح أن القطاعات ذات أعلى معدلات نمو قبل الثورة هي تلك التي تأثرت بشكل عكسي لاحقاً. ينسحب هذا ، من ضمن قطاعات أخرى، على القطاع الزراعي.
توضح الدراسات أن المخرجات في القطاع الزراعي قد تأثرت بعدد من العوامل. يقرر حسني وقنديل ومهتدي (2013) أن “ تراجع ثقة المستثمرين وحالة عدم اليقين الدائمة التي أثرت بشكل عكسي على الإنفاق المحلي وأدت لانكماش مصادر الموارد الخارجية” هي الأسباب الرئيسية لهذا الأداء. ومن ضمن الأسباب الإضافية التي ذُكرت صعوبة الحصول على قروض مصرفية كافية والتنافسية المنخفضة في أسواق التصدير الدولية. ويرتبط بذلك ما أوضحه حسني (2015) من أن استثمارات القطاع الخاص قد ضُربت بشدة في السنوات التالية للثورة، مقارنة باستثمارات القطاع العام.
يلخص حسني وقنديل ومهتدي (2013) دراستهم فيما يلي: “ يحدونا الأمل أن ] النتائج الواردة في الدراسة [ يمكن أن تساعد صناع السياسات على تصميم سياسات صناعية فعالة فيما يتعلق بإدارة سعر الصرف، مما يخفف من قيود الائتمان والقيود المالية، ويوقف الضغوط التضخمية، وصولا إلى الهدف النهائي وهو تحقيق تطلعات العامة في بداية عصر جديد”. ويخلصون أيضا إلى أن كفاءة الإنفاق العام على نطاق أوسع عنصر أساسي للمساعدة في نمو القطاع الخاص في الاقتصاد؛ وأن معدلات التضخم الأعلى يمكن أن تضر بالنمو حيث تزيد من تكلفة الإنتاج المحلي والاعتماد على الواردات.
وتكشف البيانات الحديثة المنشورة من قبل وزارة التنمية في مصر عن بعض التطورات الإيجابية. يمكن أن نلاحظ، على وجه الخصوص، زيادة ثابتة في نسبة الاستثمارات في القطاع الزراعي بداية من العام 2011 ( انظر الشكل 1). يوضح هذا الأهمية المتنامية للاستثمارات في هذا القطاع، رغم أن النسبة لاتزال صغيرة. يجب أن يساعد هذا في خطة الحكومة لدعم النمو وتوقير فرص العمل، وخاصة في المناطق الريفية. إن تخفيف اللوائح التنظيمية للأعمال والبيروقراطية الحكومية بالنسبة للقطاع الخاص سيكون مهماً بشكل خاص للمضي قدماً، حيث أن نسبة الاستثمارات الخاصة في إجمالي الاستثمارات قد زادت باطراد مع مرور الوقت، مقارنة بالنسبة المتناقصة في القطاع العام ( انظر الشكل 2).
_________________________________________________
عمرو حسني، مواطن مصري وباحث منتسب بمنتدى البحوث الاقتصادية. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ويسكونسن – ملواكي، تتمثل مجالات بحثه في مجالات الاقتصاد الكلي في اقتصاد مفتوح والتنمية الاقتصادية، مع التركيز على الدول النامية ومنطقة الشرق الأوسط.