الأمم المتحدة: صعوبه بلوغ الهدف المتعلق بالأمن الغذائي بحلول عام ٢٠٣٠…إلا إذا
في السابع عشر (١٧) من يوليو/ تموز عام ٢٠١٧، أصدرت “شعبة الإحصاءات” التابعة “للأمم المتحدة” تقريرها السنوي (الأول والأكثر موضوعية) المعني “بأهداف التنمية المستدامة”. يجدر التذكير بشكل سريع بما يلي … تم الاتفاق على “أهداف التنمية المستدامة” في المقام الأول من جانب جميع بلدان العالم، علماً بأن هذه الأهداف من شأنها أن تُفضي إلى إحداث تحسينات هامة في إطار سبعة عشر (١٧) مجالاً من مجالات التنمية.
يجدر تشجيع الجميع على الإطلاع على هذا التقرير، والتركيز على المجالات التي تُثير اهتمامهم أو المجالات التي يشاركون فيها. وبناء على ذلك، يتسنى لهم الوصول إلى استنتاجات بشأن سُبل “القيادة أو التبعية أو التنحي عن الطريق” وذلك على مسار تقدم المجتمع العالمي نحو تحسين (والبعض قد يؤثر قول “إنقاذ”) الحياة على الكوكب الذي نحيا فيه.
يستعرض القسم التالي ثلاثة مجالات قد تُثير الاهتمام على مستوى المجتمع العلمي والسياسي المعني بالتعاطي مع قضايا الأمن الغذائي في “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
يتضح إحراز تقدم بشكل عام في مجال مكافحة الفقر – على الرغم من استمرارية وجود المشكلة لدي الكثيرين:
بما إن الفقر يُعد جذرأو سبب رئيسي للعديد من العقبات التي تعوق بلوغ “أهداف التنمية المستدامة” على الصعيد الشخصي والأسري والمجتمعي، فإنه من الهام جدا أن نري استمرار الزخم بتناقص الأعداد الإجمالية ومعدلات الفقر في شتى أنحاء العالم. وفي واقع الأمر، يُشير التقرير المعني “بأهداف التنمية المستدامة” إلى “تصنيف قرابة 767 مليون نسمة تحت خط الفقر المدقع في عام 1999، وهو ما يعني تراجع الأعداد من 7,1 بليون نسمة في عام 1999. ويُفيد هذ الوضع بانخفاض المعدل العالمي للفقر المدقع، والذي تراجع من نسبة 28 في المائة في عام 1999 إلى نسبة 11 في المائة في عام 2013”.
وعلى الرغم من ذلك، هنالك بعض إشارات التحذيرالتي يمكن ملاحظتها من خلال اجتماعات “المنتدى السياسي رفيع المستوى” (عام ٢٠١٧)، وهو أن نمط التقدم المُحرز والذي ربما يُضاهي “نمط الفاكهة الدانية” (الفاكهة القريبة التي يسهل قطفها). وقد اقتصر الجزء الأعظم من التقدم المُحرز على تلك الفئات من الأفراد والأسر التي تقع على مقربة من خط الفقر (تلك الفئات التي تتمتع تباعاً بقابلية العبور إلى منطقة اللافقر مقارنة بغيرها من الفئات). ولقد شارك “مارتن رافاليون” (Martin Ravallion)، من جامعة “جورجتاون” (Georgetown University) في هذه الاجتماعات، حيث حرص على التحذير من عدم “النهوض بمستوى القاع” وذلك ضمن جوانب التقدم المُحرز حتى الوقت الراهن – وهو ما يُشير إلى إخفاق الجهود الرامية إلى الحد من الفقر في الارتقاء بكافة مستويات الدخل. ولقد واصلت مستويات دخول الفئات الأشد فقراً الثبات عند ذات المستويات العامة.بينما تخلف اخرون عن ركاب التقدم. ويوضح الشكل الوارد أدناه والذي تم إعداده من قبل “رافاليون” (Ravallion) هذا الوضع من منظور الاستهلاك – حيث واصل معدل الاستهلاك بين الفئات الأشد فقراً الثبات عند ذات المستوى، بينما تزايدت مستويات دخول الفئات الأقل فقراً بمعدلات ملحوظة على مدار السنوات المتلاحقة.
الشكل 1: تقدم أقل بكثير في رفع مستوى الاستهلاك
إيجاد الحل؟ إن بلوغ الهدف الأول (١) من “أهداف التنمية المستدامة” يتطلب اعتماد تدخلات ابتكارية تستهدف الفئات الأشد فقراً بحيث لا تقتصر النتائج المحققة على تحسين أحوال تلك الفئات، وإنما تكفل انتشالها من براثن الفقر على نحو فعلي ومستدام في ذات الوقت.
إن الجهود المبذوله للقضاءعلي الفقر وسوء التغذية ليست علي المسار الصحيح
تشير عمليات االمتابعه الجاريه في كافة أنحاء العالم وفي منطقة “الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” إلى تدني مستوى التقدم المُحرز في مجال مكافحة الفقر عن متطلبات “القضاء على الجوع” بحلول عام ٢٠٣٠. وقد أظهر “المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية”، في إطار البحوث التي أجراها، والمدونات التي قام بإعدادها، وغيرها من المنشورات ذات الصلة الصادرة في هذا الشأن، الارتباط القائم بين استمرار انعدام الأمن الغذائي من جهة واندلاع العديد من الصراعات والتوترات التي تبتلي بها المنطقة وتعاني من ويلاتها من جهة أخرى. وعلى الصعيد العالمي، تشهد البلدان الأقل نمواً والبلدان غير الساحلية بعض التقدم بوجه عام، وذلك على الرغم من معاناة شخص واحد من بين كل أربعة أشخاص في هذه البلدان من الجوع في الوقت الراهن.
الشكل ٢: نسبة الأطفال دون عمر الخامسة ممن يعانون من فرط الوزن أو التقزم (عام ٢٠٠٠ وعام ٢٠١٦)
الحرص على عدم تجاهل أي مؤشر …
إحدى النقاط الهامة التي أُثيرت خلال انعقاد “المنتدى السياسي رفيع المستوى” ضرورة رصد المؤشرات المرتبطة “بأهداف التنمية المستدامة”. وانطلاقاً من المفهوم القائل “بحرص المرء على قياس الأمور التي يعتز بها”، تم إطلاق العديد من الدعوات التي تطالب بسد الثغرة بوتيرة سريعة بين المؤشرات المعتمدة من جهة واستخدامها على نطاق واسع لرصد “أهداف التنمية المستدامة” من جهة أخرى. ووفقاً “لقسم الإحصاءات” التابع “للأمم المتحدة”، ومن بين إجمالي ٢٣٠ مؤشراً من المؤشرات ذات الصلة “بأهداف التنمية المستدامة”، يخضع ٨٤ مؤشراً للتطوير في الوقت الراهن، وبالتالي لم يتم رصدها ومتابعتها حتى الوقت الراهن – ويتم تصنيفها باعتبارها مؤشرات “المستوى الثالث (٣)”.
وربما تُسهم الجامعات والمراكز البحثية القائمة في “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في سد هذه الفجوة. ولا يقتصر هذا التوجه فقط على مؤشرات “المستوى الثالث (٣)”. على سبيل المثال، يتم تصنيف “مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي”، وهو أحد المؤشرات ذات الصلة “بأهداف التنمية المستدامة”، باعتباره يتمتع بدرجة متقدمة من التطور ويتميز بقابلية الرصد (“المستوى الأول (١)”)، وذلك على الرغم من عدم استخدام أو تغطية هذا المؤشر على نطاق واسع حتى الآن من قبل “الأمم المتحدة”.
تستمر تعبئة المجتمع الدولي في سبيل تحقيق “أهداف التنمية المستدامة”. ولا تضطلع “الأمم المتحدة” والوكالات المعنية، على أساس صائب، بدور ريادي في هذا السياق، على الرغم من حرصها على تدعيم هذه الجهود. ويتعين على المجتمعات العلمية والروابط القائمة على أرض الواقع تكثيف جهودها وإطلاق أنشطة ترويجية على نحو يكفل لأهداف التنمية المستدامة الرئيسية، بما في ذلك على سبيل المثال الهدف الثاني (٢) المتعلق بالأمن الغذائي والزراعة المستدامة، مواصلة تصدر قائمة الأولويات – وتتمثل الخطوة الأولى على هذا المسار في تبادل المعارف والبيانات المشتركة. دعونا نحرص جميعاً على الإطلاع على “تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام ٢٠١٧” الجديد الصادر عن “الأمم المتحدة” بالإضافة إلى طرحه للنقاش.