إعداد: - هاجر الديدي ورايتشل بان- المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية والجامعة الأمريكية ببيروت
سافرت مجموعة مؤلفة من تسعة خبراء يمنيين تابعين إلى وزارة التخطيط والتعاون الدولي من "صنعاء" إلى "بيروت" في "لبنان"، بهدف الاشتراك في دورة تدريبية هادفة في مجال الأمن الغذائي والتغذوي خلال الفترة بين الخامس والتاسع من مارس/ آذار عام ٢٠١٨. وتم تيسير الدورة التدريبية من قبل فريق عمل مشترك يضم ممثلين من كل من "المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية" و"الجامعة الأمريكية في بيروت". وتم تنظيم هذه الدورة التدريبية في إطار مشروع "تعزيز رصد وتقييم التأثيرات المترتبة على الأمن الغذائي والتغذوي في اليمن"، والذي يمتد على مدار ثلاث سنوات، والجاري تنفيذه من قبل "المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية"، بتمويل من "الوكالة الألمانية للتعاون الدولي".
وينتمي المسؤولون الذي وقع الاختيار عليهم للاشتراك في الدورة التدريبية إلى "الأمانة الفنية للجنة الأمن الغذائي" التابعة "لوزارة التخطيط والتعاون الدولي" وفرق عمل "خدمات النهوض بالتغذية". وانطلاقاً من العيش والعمل في صنعاء، أبدى المسؤولون الالتزام الشخصي فيما يتعلق بالوصول إلى "بيروت". ونظراً لإغلاق مطار "صنعاء" جراء النزاع الدائر في اليمن، اضطر المسؤولون إلى التنقل طوال اثنين وعشرين ساعة من أجل الوصول إلى أقرب مطار في منطقة "سيئون"، وذلك قبل السفر إلى الخارج. وفي أعقاب العودة سالمين إلى "صنعاء"، عمد المشاركون التسع إلى إعداد جدول زمني بهدف تنظيم دورات تدريبية لتمرير المعارف التي تم اكتسابها عبر الدورة التدريبية إلى فريق العمل على نطاق واسع في الديار.
انقسمت الدورة التدريبية إلى شقين، بحيث تم تناول المفاهيم والنظريات والأدوات ذات الصلة بمجال الأمن الغذائي والتغذوي؛ جنباً إلى جنب مع إجراء تمارين عملية حول كيفية إنشاء وتحميل البيانات على أداة الرصد عبر الانترنت والمتاحة في إطار أداة رصد التنمية الزراعية والتغذوية في اليمن. واشتملت الوحدات التدريبية على العديد من الموضوعات، بما في ذلك مؤشرات الأمن الغذائي والتغذوي ونظم الرصد؛ ومنهجيات المسح الميداني في مجال الأمن الغذائي؛ ومنهجيات تقدير أوضاع الأمن الغذائي والفقر ونماذج للتعامل معها؛ وتحليل النظم الغذائية وسلاسل القيمة؛ وتقييم الأضرار والاحتياجات. وتم تطبيق هذه المفاهيم بصور عملية عن طريق إجراء حلقات نقاش مع اتخاذ قرارات بشأن المؤشرات المقرر إدراجها ضمن أداة المكانية اليمنية.
تنضم أداة الرصد اليمنية إلى مجموعة أدوات أطلس البيانات المتاحة على شبكة الانترنت والتي تم إعدادها من قبل المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، بهدف توسيع نطاق إتاحة المعلومات والبيانات المتعلقة بموضوعات ذات صلة بمجالي التنمية والأمن الغذائي في العالم العربي. وعلى وجه التحديد، تهدف هذه الأدوات إلى الارتقاء بعمليات تخطيط وتنسيق وتفعيل أداء المشاريع التنمية عن طريق رصد أداء المشاريع المصنفة حسب القطاع والموقع الجغرافي والجهة المانحة ومتابعة التقدم المُحرز من جانبها، جنباً إلى جنب مع تتبع مؤشرات الأداء الرئيسية المتعلقة بكل مشروع. وبالإضافة إلى ما سبق، تحصر هذه الأداة مجموعة واسعة النطاق من المؤشرات المتعلقة بقضايا الأمن الغذائي والتغذوي، والفقر، والتنمية في كافة أنحاء اليمن، مع التركيز على رصد التقدم المُحرز نحو الوفاء بأهداف التنمية المستدامة على مستوى الأقاليم داخل الدولة. وتم إعداد هذه الأداة لدعم "وزارة التخطيط والتعاون الدولي" وبالتعاون معها، وذلك في إطار مشروع "تعزيز رصد وتقييم الأمن الغذائي والتغذوي في اليمن" الجاري تنفيذه من قبل المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بتمويل من "الوكالة الألمانية للتعاون الدولي". ومن المتوقع إطلاق هذه الأداة حوالي منتصف عام ٢٠١٨ في "صنعاء".
وتُعد هذه الدورة التدريبية بمثابة جزء من مجموعة تدخلات المشروع الرامية إلى بناء قدرات "وزارة التخطيط والتعاون الدولي". وتم تنظيم هذه الدورة التدريبية ضمن سلسلة من الدورات التدريبية عبر الانترنت (عن طريق آلية سكايب) والتي أجراها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية حول مواضيع الأمن الغذائي والتغذوي، والتي تناولت أيضاً أغراض استخدام "اأداة رصد التنمية الزراعية والتغذوية في اليمن" وكيفية إدارتها والتعامل معها. وفي سبيل التصدي لانعدام استقرار الاتصالات عبر شبكة الانترنت وغيرها من التحديات المرتبطة بالوضع الأمني في اليمن، عمد طاقم العمل التابع للمعهد الدولي لبحث السياسات الغذائية إلى تسجيل مقاطع تدريبية مصورة بالعلاقة بأداة الرصد وإتاحتها كمواد إرشادية لدعم طاقم العمل في "صنعاء" وذلك قبل الاشتراك في الدورة التدريبية في "بيروت".
وفي معرض الحديث عن الدورة التدريبية، عقب المشاركون والمشاركات على المحتوى التدريبي باعتباره يتميز بطابع كثيف وكافٍ بما يكفل تعزيز استيعاب المفاهيم المستهدفة والمتعلقة بالأمن الغذائي. ووفقاً للكلمات التي صدرت عن أحد المشاركين، "تتسم المادة التدريبية بالجودة والتفصيل". وأعرب مشارك أخر عن الاستفادة من هذه الفرصة التي أتاحت إمكانية التعرف على طائفة متنوعة من الموضوعات في إطار الدورة التدريبية ذاتها – بما في ذلك الأساليب الجديدة والتطبيقية المرتبطة بتقييم وقياس ورصد الأمن الغذائي والتغذوي – والتي تم تناولها في الدورة التدريبية عبر منهجيات التفاعل المباشر مع خبراء التدريب. وأشار أحد المشاركين إلى الأهمية البالغة التي تكمن في مصفوفة مقاييس التقييم، قائلاً: "لقد تعرفت على مفهوم تقييم الاحتياجات، وهو مجال حديث العهد بالنسبة لي، وينطوي على أهمية قصوى، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتصميم خطط مستقبلية أو تقييم خطط ماضية". وعن طريق إجراء حلقات نقاش مباشر داخل قاعات التدريب، تمكن المشاركون والمشاركات من المقارنة بين الوضع القائم في اليمن، في خضم الصراع، والموقف اللبناني في ضوء النزاعات السابقة التي نشبت داخل البلاد وأيضاً انطلاقاً من أزمة اللاجئين الراهنة.
وأعرب البروفيسور "رامي زريق"، بصفته أحد خبراء التدريب المساهمين في الدورة التدريبية، عن رأيه قائلاً، "بصفتي شخص قضي بعض الوقت في مناطق ريفية في اليمن سواء عن طريق العيش بها أو العمل فيها منذ ما يقرب من ثلاثة عقود مضت، فلقد كان من دواعي سروري أن أتبادل المعارف والقصص مع هذه النخبة من الخبراء من ذوي الموهبة والمهارة، مع إبداء الالتزام والتفاني تجاه الاضطلاع بمسئولية برامج الأمن الغذائي والتغذوي في الوقت الراهن وفي المستقبل. ويشكل الصراع الدائر كارثة فعلية، ولكني أعتز بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن بقية أعضاء طاقم التدريب بإمكانية الإسهام، حتى وإن كان بشكل غير مباشر، في مشاريع التنمية وإعادة الإعمار في المستقبل."
وأضافت خبيرة التدريب، "راتشيل بان"، التابعة للجامعة الأمريكية في بيروت قائلة، "لقد عادت الدورة التدريبية بالنفع وأثبتت جدواها نظراً لأنها استهدفت تقديم مفاهيم محددة تصلح للتطبيق المباشر، وأتاحت الفرصة أمام التفاعل مع المجموعة المشاركة والتي يعنى جميع أفرادها بمجال الأمن الغذائي، والتجاوب مع تلك القضايا عبر برامج حكومية مختلفة. لقد استمتعت بالتعامل مع ذلك التحدي الذي طرحته الدورة التدريبية فيما يتعلق بكيفية إقامة روابط بين النظم الغذائية وسلاسل القيمة مع الأنشطة التي يضطلع بها خبراء مصائد الأسماك وتربية الماشية إلى جانب خبراء التغذية."
جرى تنظيم الدورة التدريبية في مقر "الجامعة الأمريكية ببيروت"، تحت رعاية "برنامج الأمن الغذائي" التابع لكلية علوم الأغذية والزراعة؛ وبدعم مالي من "برنامج الوكالة الألمانية للتعاون الدولي" المُشار إليه أعلاه، وذلك في إطار "المبادرة الألمانية لإيجاد عالم واحد يخلو من الجوع". وتتمثل الخطوة الثانية المقرر اتخاذها في إطار هذا المشروع في دعم انخراط الخبراء اليمنيين وطاقم عمل المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بشكل مشترك في استكمال إعداد أداة الرصد اليمنية وإضفاء اللمسات النهائية عليها؛ على أن يعقب ذلك إطلاق أداة الرصد اليمنية والمرجح في يونيو/ حزيران عام ٢٠١٨ بما يدعم توجيه الموارد المالية التي يشتد الاحتياج إليها نحو النهوض بوضع الأمن الغذائي والتغذوي في اليمن على نحو يتصف بالمزيد من الفعالية والكفاءة.