إعداد :- جوزيمو سانتوس روشا، المسؤول الإقليمي للصناعات الزراعية، مكتب منظمة الأغذية والزراعة للشرق الأدنى وشمال إفريقيا
June 5, 2018
من المعروف أن التصنيع المستدام يقوم بدور أساسي في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. إن التصنيع يعيد توزيع العمالة والموارد الأخرى من أنشطة كثيفة العمالة وأقل إنتاجا إلى أنشطة كثيفة التكنولوجيا وبرأس مال أكبر، كما يقدم فرصاً كبيرة للبلدان النامية لإضافة قيمة أكبر محلياً من خلال إدخال أنشطة المرحلة النهائية من سلاسل القيمة العالمية. غالباً ما تعزى الفروقات في مستويات المعيشة بين البلدان المختلفة إلى واقع أن البلدان النامية توظف نسبة كبيرة من القوى العاملة لديها في قطاع الزراعة، وكذلك لحقيقة أن الزراعة في البلدان النامية أقل إنتاجاً بدرجة كبيرة مقارنة بالبلدان المتقدمة. في عام 2015، وظف قطاع الزراعة حوالي 20% من العمالة في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا غير أن متوسط مساهمتهم في إجمالي الناتج المحلي لم يتجاوز %5.4
ولقد أظهر إجمالي القيمة المضافة في الصناعة، والتي تقيس مدى مساهمة الصناعة في الاقتصاد الكلي، معدلات نمو مرتفعة في العقود الأخيرة في البلدان المختلفة على مستويات الدخل كافةً، كما ارتفعت القيمة المضافة في الصناعة للفرد عالمياً من حوالي 2000 دولار أمريكي في عام 1990 إلى نحو 2900 دولار أمريكي في عام 2016. رغم ذلك، يتفاوت المستوى بدرجة كبيرة بين الاقتصادات منخفضة الدخل وتلك مرتفعة الدخل. في 2015، بلغ متوسط القيمة المضافة في الصناعة للفرد نحو 1000 دولاراً أمريكياً في البلدان مرتفعة الدخل، في حين أن المتوسط في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لم يتجاوز ما يقرب من 3000 دولار أمريكي. ولقد اختلقت معدلات النمو في القيمة المضافة في الصناعة للفرد عبر المناطق والأقاليم المختلفة. وفي حين زادت القيمة المضافة في الصناعة للفرد في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي سبع مرات منذ بداية التسعينيات، فإن معدلات النمو في القيمة المضافة للفرد في منطقتي الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء ظلت فعلياً دونما أي تغيير.
أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت منطقة إفريقيا جنوب الصحراء ومعظم بلدان الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في حالة ركود فيما يتعلق بالقيمة المضافة للفرد في الصناعة بينما شهدت مستويات مرتفعة من إجمالي النمو في القيمة المضافة في الصناعة، يرتبط بالطريقة التي تدقع عوامل الإنتاج الصناعة والنمو الاقتصادي. كما يتضح من الرسم البياني أدناه، فإن نمو الناتج في البلدان الفقيرة يتحقق في الأساس عن طريق استثمارات أعلى واستخدام المواد الطبيعية والطاقة؛ في حين أن البلدان ذات الدخل المرتفع قد نمت عن طريق زيادة الإنتاجية، التي تحققت من خلال التكنولوجيات الموفرة للموارد.
شكل 1: لعوامل التي ساهمت في نمو التصنيع (1995- 2007)
تقاس الاختلافات الأساسية أيضا من خلال الطريقة التي تشارك بها البلدان المختلفة في سلاسل القيمة العالمية. يرتبط عدد كبير من البلدان في إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا بشدة بسلاسل القيمة العالمية، أكثر من أي مناطق أخرى نامية وحتى بعض البلدان الغنية. إن معظم المشاركات تتضمن الأنشطة السابقة للإنتاج. إن أكثر من 65% من مشاركة إفريقيا جنوب الصحراء و56% من مشاركة منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في سلاسل القيمة العالمية يتمثل في توفير المدخلات الأولية وخدمات وتصنيع بتكنولوجيا منخفضة، وعليه يقفز الرقم ليتجاوز 70% في دول مثل موريتانيا.
يمكن أن يساهم توسيع نطاق الأعمال الزراعية، وخاصة الصناعات الزراعية، بدرجة كبيرة في تحديث الزراعة وزيادة أثرها على التنمية في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا. يمكن أن تزيد الصناعات الزراعية (بسبب الروابط الأمامية والخلفية القوية) من الطلب على السلع الزراعية محلية الإنتاج وتزيد من قيمتها. علاوة على ذلك، قد تقلل الصناعات الزراعية من العجز التجاري، وتزيد دخول صغار المزارعين، وتولد فرص عمل مرتبطة بدرجة أكبر بالزراعة ( خاصة للنساء)، وتعظم من العائد الاجتماعي والاقتصادي في استخدام الموارد الطبيعية المحدودة، وتقلل من هدر الغذاء وتحسن الأمن الغذائي.
وقد ثبت أنه مع نمو الدخل، تتراجع الأهمية النسبية للزراعة في إجمالي الناتج المحلي وتزيد نسبة الأعمال الزراعية في إجمالي الناتج المحلي. وعليه، فمع ارتفاع الدخل تصبح الأعمال الزراعية أكثر أهمية في الاقتصادات الوطنية من الزراعة؛ كما أن توسيع نطاق الصناعات الزراعية والخدمات ذات الصلة قد يكون أفضل سيناريو للزراعة لتساهم على نحو أفضل في تنمية بلدان المنطقة ولتحد من انعدام الأمن الغذائي.
إضافة إلى جهود إبراز أهمية الصناعات الزراعية كمحرك مهم للتنمية الزراعية والاقتصادية في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا هناك قوى جذب ذات أهمية متزايدة، تتضمن بيئة أعمال مشجعة على نحو أكبر؛ طلب متزايد على الأغذية المُصنعة محلياً وفي الأسواق العالمية؛ دور أبرز للقطاع الخاص الذي يستثمر في الصناعات الزراعية ومشروعات أخرى؛ والتحسينات التكنولوجية. من المعتاد في أغلب الأحيان أن يستغل رواد الأعمال الذين يعملون على نطاق متوسط أو كبير فرص الأعمال الزراعية، مما يبرز أهمية السياسات التي تناقش قضايا الاستدامة والشمولية. على سبيل المثال، فإن القدرة المحدودة على تعزيز التنافسية تعد من التحديات الكبرى التي تؤثر بدرجة أكبر على الصناعات الزراعية الصغيرة والمتوسطة الحجم.
يجب أن تدعم جهود السياسات عملية بناء المهارات المطلوبة بشدة بالنسبة لصغار المزارعين وكذلك رواد الأعمال؛ وكذلك الاستثمارات الرامية لتحسين الإنتاجية من خلال سلسلة القيمة؛ وتحديث سلسلة القيمة على مستوى الشركات؛ وتدعيم الروابط الأفقية والرأسية لسلسلة القيمة؛ والنفاذ إلى الأصول المنتجة والأسواق؛ وتطوير البنية التحتية والتطوير المؤسسي، بما في ذلك القدرة على مراقبة جودة الغذاء وسلامته وعملية الاعتماد.