August 8, 2018
بولس مقدسي، أستاذ الاقتصاد، جامعة أوتاوا، كندا
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
تعتمد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كثيرًا على دعم السلع الاستهلاكية للحد من حالات عدم المساواة. وكما سنوضح أدناه، فإن الانتقال من دعم الوقود إلى دعم المواد الغذائية قد يكون منشودًا، ولكن من المؤسف أن بعض الدول قد بدأت أيضًا في رفع الدعم عن المواد الغذائية، رغم أن هذا لا يعتبر التوقيت المناسب لرفع الدعم. وكما ورد في تقرير السياسة الغذائية العالمية لعام 2018 الصادر عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، قد يُمارس ارتفاع مناهضة العولمة ضغوطًا على أسعار الغذاء العالمية. في هذا المقال، سوف أطرح بعض الأفكار عن التغييرات المحتملة في سياسات الدعم في أربع دول عربية
يمكن تقييم أداء إعادة توزيع الدعم بمقارنة منحنى تركيز الدعم بمنحنى لورنز، ويصور الشكل رقم 1 هذين المفهومين. يعرض منحنى لورنز الحصة التراكمية من إجمالي دخل نسبة من السكان الأكثر فقرًا، بينما يعرض منحنى التركيز النسبة التراكمية للدعم المخصص لهذه النسبة من السكان الأكثر فقرًا
وهناك ثلاث حالات للدعم
الدعم المتناقص: يأتي هذا الدعم في صالح الأغنياء أكثر من التوزيع الحالي للدخل
الدعم التدريجي المناصر للأغنياء: يأتي هذا الدعم في صالح الأغنياء بشكل أقل من التوزيع الحالي للدخل
الدعم التدريجي المناصر للفقراء: يتركز هذا الدعم بين الفقراء
المصدر: حساباتي الخاصة باستخدام المعلومات الكمية من عمل سدراليفيتش، وآخرون (2014) ومن البيانات المفتوحة للبنك الدولي
يعرض الشكل رقم (2) منحنى لورنز ومنحنى التركيز لدعم السلع الاستهلاكية في اقتصادات أربع دول عربية. ففي مصر (أ)، كما هو واضح يعد دعم البنزين والديزل دعمًا متناقصا إلى حد كبير، ومن شأن رفع الدعم تمامًا عنهما أن يحد من حالات عدم المساواة في مصر. منذ عام 2013، وقد بدأت الحكومة المصرية في إجراءات لتنفيذ إصلاحات كبرى على دعم السلع الاستهلاكية بهدف خفض دعم الوقود. ويعتبر دعم غاز البترول المسال وجميع أشكال دعم المواد الغذائية من أشكال الدعم التدريجي. بالإضافة إلى ذلك، يأتي دعم القمح في صالح الفقراء، وهو ما يمكن أن يكون وسيلة بسيطة للتعويض عن زيادة أسعار الوقود
في الأردن (ب)، يعتبر دعم البنزين والديزل من أشكال الدعم المتناقص، في حين أن جميع أنواع الدعم الأخرى تندرج تحت الدعم التدريجي، أما دعم الخبز فهو دعم مناصر للفقراء. وقد بدأت الحكومة الأردنية في إصلاح الدعم عام 2012 عن طريق زيادة أسعار المنتجات البترولية. وفي يناير الماضي، رفعت الحكومة الدعم عن الخبز، وهو ما أدى إلى زيادة حالات عدم المساواة
في لبنان (ج)، يعتبر دعم البنزين دعمًا متناقصا، ولكن يعتبر دعم الكهرباء والخبز دعمًا تدريجيا. بالإضافة إلى ذلك، يعد دعم الخبز دعمًا مناصرً للفقراء. وحتى اليوم، لم يتم تنفيذ أي إصلاح
في المغرب (د)، جميع أنواع الدعم تدريجية. وقد بدأت الحكومة في خفض الدعم في عام 2013. واعتبارًا من 2015، لا يغطي الدعم في المغرب سوى غاز البترول المسال والدقيق والسكر
تحديد إصلاحات الدعم المحتملة
تشير الأدبيات المتعلقة بإصلاحات الضريبة الهامشية إلى أن منحنيات التركيز يمكن أن تستخدم لتحديد التوجهات نحو هذه الإصلاحات. ومن المنشود اجتماعيًا تحويل التمويل من الدعم ذي منحنيات التركيز الأدنى إلى الدعم ذي منحنيات التركيز الأعلى. كما ينبغي مراعاة تكلفة كفاءة الإصلاح، أي، ما هي السلعة التي تعوض زيادة سعرها خفض سعر سلعة أخرى
في مثال توضيحي، نستخدم طريقة اقترحها دوكلا، مقدسي، وودون (2008) لتحديد فترات تكلفة الكفاءة. يحسب دوكلا، مقدسي، وأرآر (2014) هذه التكلفة على أساس زيادة أسعار الوقود المستخدمة لتمويل انخفاض أسعار المواد الغذائية في المكسيك، وقد وجدوا أن نسبة الكفاءة تعادل 1.04، وهو ما يعني أنه من الضروري زيادة أسعار الوقود عن مقدار خفض أسعار المواد الغذائية بنسبة 4% لتحقيق موازنة متوازنة. لنستخدم نسبة 4% تلك كمثال ولنطرح أفكار حول إمكانية الادخار إذا خفضنا أكبر دعم متناقص على الوقود واستخدمنا جزء من العائدات لزيادة أكبر دعم تدريجي على المواد الغذائية، مع زيادة رفاهية نسبة 80% من السكان الأكثر فقرًا
إذا طبّقنا هذه المنهجية على مصر، فإننا نحتاج إلى فترة كفاءة [0.6.6] إذا أردنا خفض الدعم على البنزين وزيادته على القمح. وإذا افترضنا أن نسبة الكفاءة الحقيقية تعادل حوالي 1.04، يعني ذلك أنه من الممكن استخدام نسبة 84.25% من مدخرات دعم البنزين لتقليل العجز العام، ونسبة 15.75% لزيادة الدعم على القمح، وهو ما سيعمل على تحسين رفاه نسبة 80% من السكان الأكثر فقرًا. ودون أدنى شك، يمكن أن تسير الأمور بشكل أفضل إذا تم تخصيص حصة أكبر من المدخرات لدعم القمح أو دعم مواد غذائية أخرى
بالنسبة للأردن، نطبق نفس التجربة الفكرية بخفض الدعم على الديزل وزيادة الدعم على الخبز. في هذه الحالة، يمكن استخدام 35% من المدخرات لتقليل نسبة العجز العام. وفي لبنان، ندرس خفض الدعم على البنزين وزيادته على الخبز. في هذه الحالة، يمكن تخصيص 25.7% من المدخرات لتقليل نسبة العجز العام. وأخيرًا بالنسبة للمغرب، يمكن تخصيص 13.3% من المدخرات المحققة من دعم الديزل لتقليل نسبة العجز، إذا خصصت باقي النسبة لزيادة دعم السكر
في الختام يمكننا أن نشير الى أن إصلاحات الدعم يمكن أن تعمل على زيادة الرفاهية وخفض معدل الفقر والحد من عدم المساواة في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولذلك، فمن الأهمية بمكان أن يدرس صناع السياسة أثر إعادة توزيع سياسات الدعم. ويتضح من التحليل الذي عرضناه في هذه المدونة أن المدخرات المحققة من خفض الدعم المتناقص على الوقود يمكن استخدامها بكفاءة لتقليل العجز العام وزيادة الدعم التدريجي على المواد الغذائية.