نديم خوري، باحث مستقل، البنك الدولي
October 29, 2018
يُتيح الاجتماع السنوي الذي يتم تنظيمه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة الفرصة أمام قادة جميع البلدان في كافة أنحاء العالم، وكذلك المسؤولين رفيعي المستوى من تلك البلدان، من أجل مناقشة مواضيع محددة، وتبادل الأفكار والآراء، والاتفاق على الأولويات القائمة على الأصعدة العالمية أو الإقليمية أو الثنائية. وقد انعقد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا العام تحت شعار: "دعم ارتباط الأمم المتحدة بجميع الشعوب".ة
تم إدراج قضية الأمن الغذائي، ولاسيما الجهود المبذولة في سبيل تحقيق أحد أهداف التنمية المستدامة والذي يتعلق بمكافحة الجوع وتعزيز الزراعة المستدامة والأمن الغذائي (الهدف الثاني)، في إطار العديد من المناقشات – ويستعرض القسم التالي ثلاثة موضوعات جديرة بالمتابعة، بالإضافة إلى عدد من المبادرات الجديدة التي تم إطلاقها في سبيل التقدم نحو الأمام.ة
مقاييس مُحدثة:ة
في إطار الفئة التي تحمل عنوان "ما يمكن قياسه ... يمكن إنجازه"، شهدت الاجتماعات الأخيرة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة انتقادات أُثيرت من قبل بعض المنظمات وممثلي البلدان بشأن "التعثر" الحادث في إنجاز الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة. وفي الواقع، ووفقاً للبيانات المتاحة، شهد عام ٢٠١٨ تزايد في أعداد الحالات التي تعاني من الجوع وسوء التغذية واتساع نطاق تفشي هاتين الظاهرتين على مستوى العالم. وتمثلت أبرز الأسباب الشائعة التي تم الاستشهاد بها في هذا الصدد في اندلاع الصراعات، فضلاً عن تغير المناخ والذي احتل المرتبة الثانية.ة
تم إطلاق علاقة شراكة جديدة تهدف إلى تحسين عملية جمع وتحليل البيانات بالعلاقة بالهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويُطلق على هذه المبادرة "بيانات من أجل القضاء على الجوع: مبادرة ٥٠ × ٢٠٣٠" وتهدف إلى تحسين مدخلات البيانات بمعدلات كبيرة، وذلك فيما يتعلق بتوخي الشفافية ومراعاة الأولويات في تمويل الاستثمارات الموجهة نحو الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة.ة
زيادة الاستثمارات:ة
جرى تنظيم اجتماع رفيع المستوى من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تمويل جدول الأعمال الشامل لعام ٢٠٣٠ بالعلاقة بجميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر. ويتعرض هذا المضمار لتحدي هائل، نظراً لتقدير فجوة التمويل بالنسبة للبلدان النامية في سبيل بلوغ أهداف التنمية المستدامة بمبلغ ٢,٥ تريليون دولار أمريكي في العام الواحد، كما يتعذر زيادة المستويات الحالية للمساعدات الإنمائية الرسمية من أجل سد هذه الفجوة. ومن هذا المنطلق، تم التطرق لسُبل إشراك القطاع الخاص – في تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة بالإضافة إلى أهداف عالمية أخرى – وذلك كموضوع رئيسي في المناقشات التي دارت في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي إطار فعاليات موازية. ة
وتمثلت إحدى المبادرات الهامة الأخرى التي تم إطلاقها من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة في آلية العمل لمكافحة المجاعة والتي تربط بين مصادر الاستثمار من جهة وأدوات جديدة تتعلق بالإنذار المبكر بشأن الجوع وسوء التغذية. وانطلاقاً من الاستجابات التي تم تقديمها في مواجهة حالات الطوارئ الصحية، بما في ذلك على سبيل المثال تفشي فيروس إيبولا في الآونة الأخيرة، تعتمد مبادرة "آلية العمل لمكافحة المجاعة" على أدوات تمويل مبتكرة تكفل التعجيل بوتيرة توفير الموارد المالية اللازمة للإيفاء بغرض الوقاية – وليس فقط الإغاثة – من المجاعات في المناطق الحرجة. وبناء على ذلك، ترتكز المبادرة على أنظمة الإنذار المبكر الحالية، من قبيل "شبكة نُظم الإنذار المبكر في مواجهة المجاعات".ة
الهجرة:ة
لم تشهد الجمعية العامة للأمم المتحدة إطلاق فعاليات أو مبادرات رئيسية، ولاسيما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك على الرغم من استهداف العديد من المبادرات العالمية (من قبيل تلك المُشار إليها أعلاه) لبعض البلدان الواقعة في المنطقة، بل وربما المنطقة برمتها. وتمثل أحد المحاور الرئيسية التي استفاضت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مناقشتها في مسألة اللاجئين والهجرة بشكل عام. وأتاحت الجمعية العامة للأمم المتحدة الفرصة أمام مناقشة مختلف التوصيات المطروحة بشأن "الاتفاقية الدولية المتعلقة بالهجرة" وتعزيز توافق الآراء بشأن تلك التوصيات. وفي مرحلة لاحقة، من المقرر عقد مؤتمر دولي مُشترك بين الحكومات في ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٨، في مراكش، بالمغرب، بغرض إقرار "اتفاقية الهجرة الآمنة والنظامية والقانونية".ة
وتنطوي هذه المبادرات الثلاثة الهامة على العديد من المجالات المحتملة التي يتسنى في إطارها إقامة علاقات الشراكة – في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – مع الباحثين، وصانعي السياسات، ومنظمات المجتمع المدني، ومؤسسات القطاع الخاص، في سبيل تحسين مستوى الأمن الغذائي وتعزيز الإنصاف، ودعم النمو.ة