November 4, 2018
هدى الانبابي، باحث زميل، المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية في مصر
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.
في عام 2015، نفذت الحكومة المصرية سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية، ومنها برامج طموحة تستهدف مكافحة الفقر. ومن أجل حماية الفقراء وتقديم المساعدة لهم بشكل أفضل، أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي، بدعم من البنك الدولي، برنامج "تكافل وكرامة"، البرنامج الوطني الأول للتحويلات النقدية المشروطة في مصر. يستهدف برنامج تكافل الأسر الفقيرة التي لديها أطفال، وتحصل النساء على تحويلات التكافل، شريطة الالتزام بالذهاب إلى المدارس والمتابعة الصحية (ولكن لم يتم تنفيذ هذه الشروط بعد). بينما يستهدف برنامج كرامة الفقراء المسنين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والأيتام.ة
بعد سنتين من إطلاق برنامج تكافل وكرامة، طبق المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذائية نهج مكون من طرق متنوعة لتقييم أثر البرنامج. أولاً، تم إجراء دراسة كمية قامت بمسح 8000 أسرة في معظم محافظات الجمهورية، تلتها دراسة نوعية من أجل إثراء النتائج الكمية بمعلومات إضافية حول السياق المحلي، ودراسة آثاره على الأسر الأكثر فقرا (الفقراء المعدمين)، التي لم تشملها الدراسة الكمية.ة
أوضحت الدراسة التقيمية أن تحويلات برنامج تكافل حسنت من معيشة الأسر. تنفق المستفيدات من التحويلات النقدية على تعليم الأبناء، بما في ذلك المستلزمات المدرسية وتكاليف الإنتقال إلى المدرسة والطعام الأعلى الجودة، ولا سيما الفواكه واللحوم والدجاج. وقد زاد برنامج تكافل من استهلاك الأسر المستفيدة بنسبة 8.4% مقارنًة بالأسر التي لا تحصل على هذه التحويلات، وهي نسبة مماثلة للنسب التي تحققها برامج التحويلات النقدية الأخرى الناجحة.ة
مع ذلك من المرجح أن تقلل تلك النتائج الكمية من تقدير الأثر الحقيقي للبرنامج. ومن المتوقع أن يكون أثره على الإنفاق أكبر بين الأسر المعدمة التي تشكل التحويلات المالية النسبة الأكبر من دخولهم. كذلك كشفت الدراسة النوعية عن استخدام التحويلات المالية في سداد الدين والشراء بالأجل وهي عوامل لم ترصدها الدراسة الكمية.ة
أوضحت الدراسة النوعية أن الأسر تنفق التحويلات النقدية في تغطية الاحتياجات الصحية، والتي لولاها لاضطرت إلى الاقتراض، وكذلك تنفقها على الدروس الخصوصية، التي تساعد في التعويض عن تدني جودة التعليم الحكومي والخدمات الصحية الحكومية.ة
وحقق برنامج تكافل أيضًا أثرًا إيجابيًا بوجه عام حيث حد من احتمال معاناة الأسر من الفقر بنسبة 11%، لكن هناك مبالغة في تقدير هذا الأثر، حيث لم تشمل الدراسة الأسر الأكثر فقرًا، وركّزت على الأسر التي تقع تحت خط الفقر مباشرةً (1.90 دولار يوميًا).ة
كذلك زاد برنامج تكافل من عدد الدرجات المعيارية للوزن مقابل الطول التي تعد مقياسًا للوضع الغذائي على المدى القصير بالنسبة للأطفال دون سن الثانية.ة
وكانت نتائج البرنامج مختلطة فيما يتعلق بقدرة النساء على اتخاذ القرار، فمن الناحية الكمية كان له أثراً سلبياً على قدرة المرأة على التأثير في اتخاذ القرار، لكن في الدراسة النوعية ذكرت النساء أن تلقيها للتحويلات المالية قد مكّنهن من اتخاذ قرار (أو المشاركة في اتخاذ قرار) بشأن كيفية إنفاق تلك التحويلات حتى إذا لم يكنّ مشاركات في اتخاذ القرارات الأسرية في السابق. إضافًة إلى ذلك، سلطت الدراسة النوعية الضوء على أشكال أخرى من تمكين المرأة، حيث وجدت أدلة على تعزيز دور المرأة كأم ومديرة لشؤون الأسرة والمنزل.ة
كذلك قيّم المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية استهداف برنامج "تكافل" للأسر الفقيرة باستخدام عينة ممثِلة على المستوى الوطني من الأسر التي لديها أطفال. وقد أشار التقييم إلى أن 67% من المستفيدين من برنامج "تكافل" ينتمون إلى أدنى خُمسين من الأسر استنادًا إلى مستوى استهلاكهم دون الحصول على التحويل النقدي، يتجاوز ذلك الهدف الرئيسي للبرنامج وهو 60%، ولكن لا يشارك جزء كبير من الأسر الواقعة ضمن فئة الخُمسين الأكثر فقرًا في البرنامج خاصًة في المناطق الحضرية.ة
كذلك غطت عملية التقييم برنامج "كرامة"، لكن حال حجم العينة الصغير، وتغيير معايير الاستحقاق أثناء فترة الدراسة، دون قياس آثار البرنامج.ة
وخلال ندوة عُقدت في وزارة التضامن الاجتماعي في 21 أكتوبر، تم استعراض نتائج عملية التقييم. وأوضحت غادة والي، وزير التضامن الاجتماعي، كيف بدأ البرنامج كفكرة في عام 2008، بعد مشروع تجريبي في حي عين الصيرة، أحد الأحياء العشوائية بمحافظة القاهرة. وقد مثل نجاح برامج التحويلات النقدية المشروطة في أمريكا اللاتينية مصدر إلهام لذلك المشروع التجريبي. وكان توسيع نطاق المشروع حلمًا، وتقول غادة والي "بعد سنوات أصبح الحلم حقيقة".ة
واستعرضت نيفين القباج، نائب وزير التضامن الاجتماعي، التحديثات الأخيرة لتنفيذ البرنامج ونطاق تغطيته، حيث يصل برنامج "تكافل وكرامة" حاليًا إلى 2.25 مليون مستفيد، 87% منهم ضمن برنامج "تكافل". يعني ذلك أن البرنامج يغطي نحو 9.4 مليون فرد، ثلاثة أرباعهم تقريبًا في الوجه القبلي. وأكد ممثل للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، على أهمية إتاحة البيانات للباحثين.ة
وقال ماثيو سميث، سكرتير أول لإدارة الاقتصاد ونائب رئيس البرامج في سفارة المملكة المتحدة في مصر، والتي تعد شريكًا في عملية التقييم، إلى جانب البنك الدولي، إن البرنامج والتقييم يقدمان نموذجًا جيدًا للدول الأخرى التي تسعى إلى تدشين برامج لمكافحة الفقر. كذلك أكد دينيس نيكيتين، مستشار البنك الدولي لشؤون الإحصاء والأبحاث، على أهمية القيام بعمليات تقييم شاملة ودقيقة تكشف مجالات الإصلاح الممكنة.ة
وأكد كليمينس بريسينجر، رئيس برنامج دعم الاستراتيجية المصرية بالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، فوائد القيمة المضافة لذلك البرنامج في مصر، حيث يحمي الفقراء على المدى القصير ويساعد في تكوين رأس مالي بشري على المدى الطويل. كذلك أكد على أهمية الأدلة القائمة على البحث في صناعة القرار مشيرًا إلى تعليقات سانتياجو ليفي، "الأب الروحي" لبرنامج التحويلات النقدية المشروطة في المكسيك، وإلى أن دراسات التقييم تعتبر عاملاً أساسيًا من عوامل نجاح المشروع على المدى الطويل.ة
في الوقت الذي أظهر فيه التقييم الأولي وجود أمل واعد، قالت شيرين الشواربي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن هذا لا يمثل سوى الخطوة الأولى، وإن على الحكومة مواصلة مراقبة وتقييم فعالية البرنامج من أجل البناء على ما تم تحقيقه من نجاح.ة
تم مشاركة هذه المدونة من جانب مدونة المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية
ة