December 4, 2018
دورتيه فيرنير، خبير في الاقتصاد الزراعي، البنك الدولي
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
ترسل نتائج ثلاثة تقارير حديثة للبنك الدولي رسالة تذكيرية قوية بضرورة بناء القدرة على الصمود أمام الظواهر الجوية القصوى والتعافي من آثارها. يؤدي تغير المناخ وظاهرة التذبذب الجنوبي (النينو) والأحداث المناخية المتكررة إلى إضعاف البلدان التي تعاني من ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتعريضها لمزيد من المخاطر. وتفرض الآثار المناخية الضارة على الزراعة، بما في ذلك زراعة القمح والمحاصيل غير المروية الأخرى التي تعتبر بالغة الأهمية لتحقيق الأمن الغذائي، التزامًا متزايدًا في لبنان والمغرب وتونس، حيث من المتوقع أن تمتد آثارها لتشمل الأسر المعيشية والاقتصادات الوطنية. م
تعد الزراعة في الثلاث بلدان سالفة الذكر مهمة للاقتصاد بوجه عام وليس للمجتمعات المحلية الريفية فقط. ففي المغرب يعمل بالزراعة 30 في المئة من إجمالي عدد السكان، وتنتج الزراعة 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتساهم في الصادرات بنسبة 30 في المئة. وفي تونس تبلغ نسبة العاملين في قطاع الزراعة 20 في المئة، وتساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10 في المئة وفي الصادرات بنسبة 12 في المئة. وفي لبنان تبلغ نسبة العاملين في قطاع الزراعة 6 في المئة، وتساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4 في المئة وفي الصادرات بنسبة 15 في المئة. وهذا ما يثير الجدل والنقاش حول زيادة مخاطر التغيرات المناخية. م
أوضحت دراسة أجراها البنك الدولي مؤخرًا الآثار الاجتماعية والاقتصادية للجفاف على الزراعة في المغرب. أدت موجة الجفاف الأخيرة التي ضربت البلاد في الفترة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 إلى ربيع 2016 إلى تراجع النمو الاقتصادي نتيجة لانخفاض الناتج الزراعي خاصةً إنتاج الحبوب. وقد شهدت سلاسل قيمة زراعة الموالح والزيتون انخفاضًا في الناتج الزراعي نتيجة لنقص المياه. فاتخذ المزارعون قبل حدوث الجفاف تدابير التخفيف التي شملت شراء التأمين على المحاصيل الزراعية لتجنب الانخفاض الشديد في دخول الأسر المعيشية، وأسفر هذا التدبير عن تخفيف وطأة التأثير السلبي للجفاف على الدخل. م
ومن ناحية أخرى، خلُص تقرير أصدره البنك الدولي مؤخرًا حول آثار تغير المناخ علي قطاع الزراعة في تونس، إلى أن الجفاف الذي يستمر لعدة سنوات والتقلب العام في معدلات سقوط الأمطار يشكلان تحديات رئيسية. تزداد ندرة المياه السطحية يومًا بعد يوم وهو ما يجبر المزارعين على استخدام المياه الجوفية لاستكمال ري المحاصيل وأشجار الفاكهة. ومع مرور الوقت يجعل هذا النوع من التكيف مع تغير المناخ المياه أكثر ندرة. ويتطلب التغلب على هذه الحلقة المفرغة تحسين إدارة الموارد المائية وتعزيز تفعيل القوانين والتشريعات الحالية. يدعو التقرير لاتخاذ إجراءات إضافية تتعلق بتنفيذ خطط إدارة الجفاف المتكاملة لحل مشكلات ندرة المياه على المدى القصير والطويل. م
تُبرز الحالة في لبنان الحاجة إلى المساعدة في حالات الطوارئ قصيرة الأجل وتنفيذ تدخلات سياسية وهيكلية ومؤسسية على المدى الطويل للتصدي للجفاف. ولنظام الإنذار المبكر في لبنان أهمية خاصة ويمكن أن تستخدمه بلدان المنطقة كنموذج. أنشأت مصلحة الأبحاث الزراعية اللبنانية مرافق للتنبؤ بالطقس وأعدت نظام الإنذار المبكر بالجفاف ليستخدمه المزارعون على المستوى المحلي في لبنان. وتستلزم هذه الخدمات عمليات يومية للرصد والتسجيل والتنبؤ. ويقوم خبراء مصلحة الأبحاث الزراعية اللبنانية بتحليل بيانات الطقس المجمعة وتطوير خدمات معلوماتية قبل نشر البيانات بين المزارعين والجمهور. وإدراكًا لطبوغرافيا البلاد وبضعة من محطات الطقس فيه، صممت المصلحة شبكة محطات طقس آلية. م
من خلال دراسات الحالة الثلاث، نستنتج التوصيات المشتركة التالية:م
أولاً: تحسين مستوى نظم مراقبة الجفاف، مما يحسن القدرة على رصد موجات الجفاف وتبادل البيانات في الوقت المناسب، وكلا الخطوتين مهمتان عند البدء في مواجهة الجفاف
ثانيًا: وضع خطة لإدارة الجفاف تركز على الحد من المخاطر، وتشمل هذه الخطة الأُطر التنظيمية والترتيبات التشغيلية
ثالثًا: تحسين التعاون بين مؤسسات القطاع العام وتحسين وصول المزارعون إلى المعلومات بحيث يتمكنون من إجراء استثمارات أكثر فعالية
رابعاً: تطبيق تقنيات زراعية أكثر استدامة. وهناك عدة فرص للتحسين والتوسع في تقنيات الزراعة الذكية مناخيًا والموفرة للمياه مثل الزراعة المائية التي من شأنها أن تساعد في تخفيف الضغط المتزايد على المياه، وتوفير الأطعمة المغذية لعدد كبير من سكان الحضر، واستيعاب أصحاب الأراضي الزراعية الصغيرة
وأخيرًا، يرسل التقرير الأخير للاتفاقية الدولية لوقاية النباتات لعام 2018 رسالة تذكير قوية بأنه حتى مع اتخاذ إجراءات مناخية جذرية على الصعيدين الدولي والقطري، فمن المحتمل أن تزداد أحداث الطقس القصوى في المستقبل. لقد حان الوقت لكي نستعد جميعًا لمواجهة ذلك