March 13, 2019
روث ماينز ديك، المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
تتوقف إمكانية رصد تقدم وافِ في مجال تمكين المرأة بقطاع الزراعة على كيفية تعريف مصطلح "وافِ". وفي واقع الأمر، فإن طرح هذا التساؤل في حد ذاته يُعد بمثابة مؤشر يُدلل على إحراز تقدم في هذا السياق.ة
منذ عقد من الزمان، لم يسبق إدراج مسألة تمكين المرأة في قطاع الزراعة ضمن جدول الأعمال. وتقاعست الأطراف المعنية بالتفكير ملياً في السياسات أو البرامج الزراعية عن إمعان النظر في التأثير المترتب عنها على قضية تمكين المرأة بالقدر الكافي، كما تقاعست الأطراف المعنية بالتفكير ملياً في مسألة تمكين المرأة عن إمعان النظر في قطاع الزراعة بالقدر الكافي. ولم يتسنى توخي الوضوح بشأن مصطلح "التمكين" واستجلاء دلالة هذا المفهوم – ناهيك عن قياس التقدم المُحرز في هذا السياق. ولا تتصل المؤشرات التي يتم الاحتكام إليها في كثير من الأحيان بقصد قياس مدى تمكين المرأة، بما في ذلك على سبيل المثال معدلات التعليم أو مستوى تمثيل المرأة في البرلمان، بعلاقة مباشرة بقطاع الزراعة.ة
تطوير أدوات لقياس مستوى التمكين
في عام ٢٠١١، وفي إطار من الشراكة بين كل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، ومبادرة أكسفورد لمكافحة الفقر وتعزيز التنمية البشرية، تم تصميم مؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة بهدف تتبع مستوى المساواة بين الجنسين، وقياس مستوى تمكين المرأة وتمثيلها وإدماجها في قطاع الزراعة. ويعنى هذا المؤشر بقياس مدى انخراط المرأة في قطاع الزراعة عبر خمسة مجالات تندرج ضمن مفهوم التمكين، وهي على وجه التحديد: الاشتراك في صناعة القرارات الإنتاجية، والحق في الاستفادة من الموارد، والقدرة على التحكم في الدخل، ومعدل ارتقاء المناصب القيادية، والوقت المستغرق في تأدية المهام المنزلية والإنتاجية. وبالإضافة إلى ما سبق، يجوز الاستعانة بهذا المؤشر من أجل قياس مستوى تمكين المرأة بالمقارنة بمستوى تمكين الرجل في إطار الأسرة المعيشية ذاتها.ة
ولا يصح الاكتفاء بالقياس وحده دون غيره من التدخلات، وإنما يمكن أن يُسهم القياس في إرشاد وتوجيه الإجراءات المُتخذة والتعجيل بوتيرتها. وعندما تُدرك الأطراف المعنية بتخطيط المشروعات اعتزام تقييم أدائها بناء على التأثيرات المترتبة عن المشروعات المعنية بتخطيطها على مسألة تمكين المرأة، ربما تُبدي عندئذ المزيد من الاستعداد لمراعاة بعض العوامل الأخرى من قبيل مدى مساهمة تدخلاتها في تعظيم أو تقليص الأعباء التي تستهلك الوقت والتي تقع على عاتق المرأة أو مدى مساهمة هذه التدخلات في تعزيز أو تقويض قدرة المرأة على التحكم في الدخل. وعلى سبيل المثال، أظهرت البيانات المرجعية ذات الصلة بمؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة لعام ٢٠١٢ والمتعلقة بدولة بنجلادش تعرض حوالي خمسة وسبعين في المائة من النساء في إطار مبادرة "مستقبل بلا جوع" للاستضعاف والحرمان – بمعدل يتجاوز الوضع في البلدان الأخرى الواقعة في نطاق مبادرة مستقبل بلا جوع والتي عمدت إلى جمع بيانات ذات صلة بمؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة خلال تلك الفترة من الزمن.ة
وعندئذ، عمدت وزارة الزراعة في بنغلادش إلى إقامة علاقة شراكة مع مؤسسة هيلين كيلر الدولية وفريق دعم الاستراتيجيات وسياسات البحوث العامة التابع للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بهدف إعداد برنامج جديد يحمل عنوان "الروابط القائمة بين الزراعة والتغذية والنوع الاجتماعي". واستهدف البرنامج التقليل من أوجه عدم المساواة بين الجنسين على مستوى الأسرة المعيشية في سبيل تحسين مستوى صحة وتغذية الأمهات وحديثي الولادة والأطفال الصغار، عن طريق تزويد النساء والرجال على حد سواء بدورات تدريبية في مجالي الزراعة والتغذية. واقترن هذا البرنامج بتوفير أدوات اتصال وتواصل بهدف تحسين مستوى التغذية والارتقاء بممارسات وسلوكيات إطعام الأطفال. وعندما تم مجدداً جمع بيانات تتعلق "بمؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة" في عام ٢٠١٥، تم تصنيف المزيد من النساء بواقع ١٣,٨ في المائة باعتبارهن تتمتعن بالتمكين – وهو ما يُفيد بإمكانية رصد مكاسب فيما يتعلق بتمكين المرأة، وذلك عند توجيه الأولوية لهذه القضية.ة
وبالإضافة إلى ما سبق، تجدر الإشارة إلى أن القدرة على قياس مدى تمكين المرأة في قطاع الزراعة قد ساهم في إبراز الأهمية الكامنة في مسألة تمكين المرأة. وعلى سبيل المثال، كشفت عملية تحليل استهدفت البيانات ذات الصلة بمؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة ووضع التغذية في دولة غانا عن الارتباط القائم بين مسألة تمكين المرأة من جهة ونوعية ممارسات تغذية الأطفال الرضع والأطفال الصغار من جهة أخرى، بالإضافة إلى رصد علاقة إيجابية ووثيقة بين مشاركة المرأة في القرارات الائتمانية (بمثابة أحد مكونات مفهوم التمكين) من جهة والتنوع الغذائي الذي تحظى به المرأة من جهة أخرى. وتُفيد هذه الدلائل باختلاف التأثيرات المترتبة عن مختلف مجالات التمكين على وضع التغذية.ة
تقييم التأثير على مستوى المشروعات
أثبت مؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة جدواه وفعاليته، ولكن مع اقتصار إمكانية قياس هذا المؤشر، بحكم التصميم، على الدراسات الاستقصائية السكانية. ويتسبب هذا الوضع في الحد من قدرتنا على تحديد ماهية الأنشطة المجدية والفعالة بالعلاقة بمسألة تمكين المرأة في سياق تدخلات إنمائية محددة. ويتعاظم الطلب من جانب المجتمع الإنمائي الدولي على تصميم مقياس يصلح الاستعانة به على مستوى المشروعات، والذي يشتمل على مؤشرات إضافية، بما في ذلك على سبيل المثال القدرة على التنقل والتعرض لممارسات العنف من قبل الشريك الحميم (بما يكفل عدم تسبب التدخلات في حدوث ردود فعل عكسية أو نتائج سلبية ضد المرأة). وبدعم من كل من مؤسسة بيل وميليندا غيتس والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، نحرص بالتبعية على التعاون مع ثلاثة عشر مشروع إنمائي زراعي بهدف تطوير وتجريب مؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة على مستوى المشروعات بما يتوافق مع مؤشر تمكين المرأة في قطاع الزارعة في سبيل الوفاء بهذا الغرض، ومن المتوقع الانتهاء من تصميم هذا المقياس في عام ٢٠٢٠.ة
ويعتمد المقياس المقترح والمتوافق مع مؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة، والذي خضع للتجريب من قبل المشروعات الشريكة، على منهجية مؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة. ويشتمل المقياس المجمع على اثنى عشر مؤشر بالعلاقة بمسألة تمكين المرأة في قطاع الزراعة، على وجه التحديد: استقلالية الدخل؛ والكفاءة الذاتية؛ والمواقف المعتمدة تجاه ممارسات العنف المرتكب من شريك الحياة؛ وإبداء الاحترام بين أفراد الاسرة المعيشية؛ والقدرة على زيارة مواقع هامة؛ والتوفيق بين العمل والأسرة؛ والنفاذ إلى الخدمات المالية والاشتراك في اتخاذ القرارات المالية؛ والتحكم في استخدام موارد الدخل؛ وامتلاك الأراضي وغيرها من الأصول؛ والإسهام في القرارات الإنتاجية؛ والانضمام إلى عضوية منظمات المزارعين أو المنتجين أو مجموعات الادخار والإقراض؛ والانتساب إلى عضوية مجموعات مؤثرة أخرى حسبما ترتئي السيدات المستجيبات. ويندرج كل مؤشر ضمن مجال محدد من مجموعة من المجالات المتمثلة فيما يلي: الفعالية الذاتية (القدرة الذاتية)، والفعالية الداعمة (القدرة الموجهة نحو ...)؛ والفعالية الجماعية (القدرة المشتركة). وعلى مدار العامين المقبلين، سوف تحرص المشروعات الشريكة على الاستعانة بالمقياس المتوافق مع مؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة في إجراء الدراسات الاستقصائية الختامية بهدف رصد التأثير المترتب عن التدخلات التي تعنى بتنفيذها على مسألة تمكين المرأة وتحديد النواتج الإنمائية الأخرى التي يتسنى تحقيقها. وفي نهاية المطاف، يعنى المقياس المتوافق مع مؤشر تمكين المرأة في قطاع الزراعة بتزويد الأخصائيين الممارسين والباحثين على حد سواء بأداة أخرى تُسهم في قياس مستوى تمكين المرأة وفي تحديد الاستراتيجيات الفعالة في مجال تمكين المرأة.ة
تم نشر هذا المقال لأول مرة في مدونة سبور الصادرة عن المركز الفني للتعاون الزراعي والريفي.ة