April 3, 2019
عثمان الشيخ، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، مصرة
إن قضية التغيرات المناخية اصبحت من القضايا التى تحظى باهتمام كبير على مختلف الاصعدة فى مصر، وتتركز الأنظار نحو السيناريوهات المتعلقـة بارتفاع منسوب سطح البحر المتوسط وعلاقة ذلك باحتمالية غرق بعض مناطق الدلتا، والتأثيرعلى الإنتاج الزراعى كماً وكيفاً.ة
وقد أشارت العديد من الدراسات[1] إلى أن التغيرات المناخية هى نتاج حتمى لأنشطة الإنسان التى أخلت بنسب الغازات فى الغلاف الجوى للأرض، وطبقا للإحصاءات الرسمية[2] فان مصر تأتى فى تساهم ب 0.6 % من اجمالى انبعاثات عاز الدفيئه.ة
التغيرات المناخية ليست قضية للنقاش فى المحافل العلمية فقط، بل هى شأن يخص كل مصرى بسبب ارتباط التقلبات الجوية بإنتاجية الأراضى الزراعية التى تعتبر بدورها حجر الزاوية للأمن الغذائى لكل أسرة.ة
فقد أشارت التقارير الرسمية إلى أن 17% [3] من المصريين يعانون من ضعف مستوى الأمن الغذائى، ويتركز معظمهم فى جنوب مصر (انظر إلى الشكل 1)، وهذه النسبة معرضة للزيادة فى ظل ازدياد حدة التقلبات الجوية.ة
لذلك سعت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى – الجهاز التنفيذى لمشروعات التنمية الشاملة لتنفيذ مجموعة من النماذج العملية لقرى أكثر تأقلما مع التغيرات المناخية فى صعيد مصر، وذلك بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، وينفذ هذا المشروع تحت اسم مشروع بناء مرونة نظم الأمن الغذائى بصعيد مصر.ة
حيث يهدف المشروع إلى بناء آليات التأقلم مع التغيرات المناخية فى قطاعات الإنتاج الزراعى المختلفة بالتوازى مع آليات الحد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون.ة
النهج التشاركى
للحشد المجتمعى تجاه قضية التأقلم مع التغيرات المناخية دور كبير فى حث المجتمع على تبنى أفكار المشروع، لذلك فقد نفذت العديد من الأنشطة التوعوية ومنها مسرح القرية المتنقل، وذلك فى إطار فكاهي واقعي، وقد ساهمت العروض المسرحية في توعية المزارعين بأهمية اتباع آليات الحد من آثار التقلبات الجوية على الإنتاج الزراعي، حيث انعكس هذا بشكل واضح على أعداد المزارعين الراغبين فى تنفيذ أنشطة التأقلم مع التغيرات المناخيه.ة
التدريب على رأس الحقل خير من التدريب النظري
قدمت الحقول الإرشادية مجموعة من أصناف القمح الأكثر تأقلما مع التقلبات الجوية بالإضافة إلى الزراعة على مصاطب وكذلك جدولة التسميد والرى وذلك تحت إشراف المختصين من معهد بحوث المحاصيل الحقلية. وكان من نتائج ذلك زيادة إنتاجية الفدان بنسبه تتراوح بين 20 إلى 30% بالإضافة الى تحمل الصدمات الحرارية المتتالية التى حدثت فى الربع الأول من أعوام 2013- 2014 - 2015 -2016 . حيث ارتفعت درجات الحرارة بمعدل يتراوح بين 5 الى 7 درجات عن معدلاتها فى هذه الأوقات [4].ة
إحياء الروح التعاونية
تسود الحيازات الزراعية المفتتة فى ربوع مصر بشكل عام وفى صعيد مصر بشكل خاص، ولهذا أثر ليس بالقليل على انخفاض الإنتاجية بسبب عدم القدرة على استعمال مدخلات إنتاج عاليه الجودة أو استخدام الميكنة الزراعية التى من شأنها تحسين خواص الأرض. هذا بالإضافة إلى فقدان حوالى 10% من المساحه بسبب الحدود التى لاتزرع [5]. لذلك سعى المشروع لتنفيذ كافة الأنشطة سالفة الذكر فى إطار مبادرة توحيد الحيازات الزراعيه المفتتة.ة
وتتمحور آليات هذه المبادرة فى حث المزارعين على إزالة الحدود الفاصلة مع احتفاظ كل حائز بحدود حيازته التى تحددها علامات حديدية، وتتم كافة أعمال الزراعة بشكل جماعى لمجموعات كاملة بمتوسط 70 مزارعاً فى المجموعة الواحدة، على أن يتولى كل مزارع رعاية أرضه حتى الحصاد. وقد تم توحيد حوالى ألفي فدان خلال الأعوام الثلاث الماضية، وأوضحت دراسات المتابعة وتقييم الأثر أن نسبة التخلى عن فكرة توحيد الحيازات تتراوح بين 20 الى 30 %.ة
الانذار المبكر
يعتبر الانذار المبكر للتنبيه بالتقلبات الجوية غير الاعتيادية هو أحد أهم سبل الحد من آثارها . لذلك نفذ المشروع تطبيق الأنذار المناخى المبكر، وهو تطبيق بسيط متاح على الانترنت للجميع.ة
تطبيقات لتوفير مياه الرى
مياه الرى من أهم مدخلات الإنتاج الزراعي، وتشير العديد من الدراسات إلى أن زيادة الاحتياج لمياه الري مرتبط بالموجات الحرارية غير الاعتيادية التي تتعرض لها المزروعات[6].ة
تنويع مصادر الدخل
نظرا لمحدودية الأراضى الزراعية فى صعيد مصر، فإن نسبة ليست بالقليلة من أهالى قرى الصعيد لا يملكون أراضى زراعية (شكل 2)، لذلك استهدف المشروع هذه الفئة من خلال أنشطة الإقراض العينى للماعز والبط . حيث شارك فى هذه الأنشطة ألف مقترض ومقترضة حتى الآن وجارى العمل على التوسع فيه.ة
نحو مجتمع ريفى منتج ومتأقلم مع التغيرات المناخيه
تسعى الحكومه المصريه بالتعاون مع العديد من الجهات الوطنيه والدوليه للتوسع فى نشر الناماذج الناجحه فى مجال المجتمعات المتأقلمه مع التغيرات المناخيه وذلك فى 500 قريه موزعه فى محافظات مصر المختلفه.ة
[1] Smith, Joel B., et al. "Assessing dangerous climate change through an update of the Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC)“reasons for concern”." Proceedings of the national Academy of Sciences 106.11 (2009): 4133-4137. [2] "Climate Analysis Indicators Tool (CAIT) Version 2.0. (Washington, DC: World Resources Institute, 2014)". World Resources Institute. Retrieved 2017-06-12. [3] Food Security And Nutritional Status In Egypt Worsening Amidst Economic Challengeshe government’s Central Agency for Public Mobilization and Statistics & World Food Programme (WFP) (CAPMAS) [4] Hafez, Y. Y., and M. Almazroui. "Study of the relationship between African ITCZ variability and an extreme heat wave on Egypt in summer 2015." Arabian Journal of Geosciences 9.6 (2016): 476 [5] Dyer, Graham. Class, state and agricultural productivity in Egypt: study of the inverse relationship between farm size and land productivity. Routledge, 2014. [6] Harrison, Matthew, et al. "Adapting irrigated and dryland farming systems to climate change and extreme weather events: is simplification or intensification more effective?." 17th Australian Agronomy Conference 2015. 2015.