May 20, 2019
سيكاندرا كردي و أوليفيير إيكر، المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
الأطفال هم غالبا الأكثر تضرراً من أي نزاع مدني . والحرب الأهلية المستمرة في اليمن، التي تدخل عامها الخامس الآن، هي أكثر الأمثلة قسوة على أزمة إنسانية مدمرة من صنع الإنسان يعاني منها الأطفال في التاريخ الحديث. وحتى قبل نشوب الحرب الأهلية، كان سوء التغذية بين الأطفال منتشراً في اليمن، لكن الوضع أصبح أسوأ كثيرا. ففي عام 2013، كان 16.3 ٪ من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد. أما اليوم، فتقدر وكالات الإغاثة أن حوالي 50٪ من الأطفال دون سن الخامسة (أي 2 مليون طفل إجمالا) يعانون من سوء التغذية الحاد.ة
يتمثل أحد التحديات التي تواجه المساعدات الإنسانية في هذا النوع من الأزمات الطويلة الأجل في ضمان حصول المستفيدين من المساعدات على السعرات الحرارية الكافية من الأطعمة الأساسية، بل أيضًا الحصول على جودة غذائية كافية توفر المغذيات الدقيقة ذات الأهمية البالغة. وهذا مهم بشكل خاص للأطفال الصغار لأن سوء تغذية الأطفال له عواقب مدى الحياة تؤثر على نمو الطفل. لذا تعتبر التحويلات النقدية نهج واعد لأن الدراسات تشير إلى أن إعطاء الناس نقودا يؤدي إلى تنوع غذائي أكبر مقارنة باستراتيجية الإغاثة التقليدية المتمثلة في توزيع سلال المواد الغذائية الأساسية.ة
تقدم دراستان حديثتان تتعلقان بنفس الموضوع، ولكن منفصلتان، دليلا على أن التحويلات النقدية يمكن أن تقلل من سوء التغذية الناجم عن النزاع في اليمن. إحدى الدراستين تم إجرائها خلال الحرب الأهلية وقدمت تقييماً لتأثير برنامج "النقد مقابل التغذية" الحالي للصندوق الاجتماعي للتنمية اليمني، بينما قدمت الأخرى تحليلاً بأثر رجعي لبرنامج التحويل النقدي غير المشروط لصندوق الرعاية الاجتماعية خلال فترة صراع سبقت اندلاع الحرب الأهلية الجارية. وجدت كلتا الدراستين أن التحويلات قد حققت فوائد كبيرة بالنسبة لنتائج تغذية الطفل.ة
كان برنامج صندوق الرعاية الاجتماعية قد حدد أسر ضعيفة في اليمن قبل النزاع، وقدم لها تحويلات نقدية بشكل ربع سنوي. ويتم حاليا استخدام نفس الاستهداف لنفس الشريحة في برنامج الاستجابة لأزمات الطوارئ في اليمن من قبل برنامج تحويل نقدي وطني يتم تنفيذه من خلال اليونيسيف.ة
أظهر إيكر والمؤلفون المشاركون أن تلقي التحويلات النقدية لصندوق الرعاية الاجتماعية قد قلل من حجم التأثير السلبي للصراع على سوء التغذية الحاد بمقدار النصف على الأقل في الفترة من 2012 إلى 2013، وذلك باستخدام بيانات من المسح الوطني لرصد الحماية الاجتماعية.ة
أما برنامج "النقد مقابل التغذية" التابع للصندوق الاجتماعي للتنمية (الذي يتم تمويله أيضًا من خلال برنامج الاستجابة لأزمات الطوارئ في اليمن) فيقدم للأسر المشمولة ببرنامج صندوق الرعاية الاجتماعية ولديها أطفال صغار تحويلات نقدية شهرية إضافية تعادل حوالي 25 ٪ من ميزانية الغذاء لديهم، كما يشجع على حضور دورات تدريبية شهرية لتعليم تغذية الأمهات والأطفال بقيادة معلمي صحة المجتمع المعينين محليا.ة
وقد أشارت كردي ومشاركوها من المؤلفين في تقريرهم إلى أن البرنامج كان له آثار كبيرة على تعويض الاتجاهات السلبية في نتائج التغذية خلال سنوات الصراع 2015-2017، وذلك حسب البيانات المستقاة من تجربة موجهة إلى عينة عشوائية مصممة خلال المرحلة التجريبية من برنامج النقد مقابل التغذية حيث أدى تلقي التحويلات النقدية من الصندوق الاجتماعي للتنمية إلى زيادة مشتريات الأغذية المنزلية بنسبة 17 في المائة على الأقل.ة
ومن الضروري الإشارة إلى أنه بدلاً من زيادة استهلاك المواد الغذائية الأساسية، استخدمت الأسر معظم التحويلات النقدية لشراء المزيد من العناصر الغنية بالمغذيات من الخضروات والفواكه والأطعمة ذات المصدر الحيواني مثل الحليب والبيض. ونتيجة لذلك، ساعدت التحويلات في الحفاظ على التنوع الغذائي للأطفال في مراحل النمو المبكرة الحرجة من 6 إلى 23 شهرًا. كما أدى البرنامج إلى تحسين ممارسات الرضاعة الطبيعية ومعالجة المياه مما زاد من تحسين البيئة الغذائية.ة
وقد أدى حدوث تحسن نسبي في وصول الأسرة إلى الطعام المغذي وتطوير ممارسات تغذية الطفل بشكل أفضل إلى تحسين نتائج تغذية الطفل مقارنة بالأسر التي لم تتلق التحويلات. وقد ساهم برنامج "النقد مقابل التغذية" في تقليل معدل الأطفال الذين يتم تشخيصهم بسوء التغذية الحاد بمقدار 10 نقاط مئوية، مقارنةً بالأسر التي لا تتلقى تحويلات، ومنع حدوث انخفاض في الطول والوزن بين الأطفال في أفقر ثلث الأسر التي تلقت هذه المساعدات.ة
تقدم هذه الدراسات معًا أدلة تدعم استخدام التحويلات النقدية كنهج إغاثة فعال لتخفيف الضرر الناشئ عن الصراع على تغذية الطفل.ة
سيكاندرا كردي زميل باحث في مكتب المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بالقاهرة. أوليفييه إيكر هو زميل باحث أول في نفس المعهد ومقره واشنطن. هذا المنشور ظهر لأول مرة على موقع مؤسسة طومسون رويترز للأخبار.ة
تم دعم هذا البحث من قبل الصندوق الاستئماني لبلدان الشمال؛ ومشروع الاستجابة لحالات الطوارئ في اليمن المُمول من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة لمجموعة البنك الدولي؛ الوكالة الألمانية للتعاون الدولي؛ وبرنامج البحوث التابع للفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية بشأن السياسات والمؤسسات والأسواق بقيادة المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.ة