June 11, 2019
حركة تعزيز التغذية في اليمن وهايدي قنديل
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
تظل الأزمة الإنسانية التي يشهدها اليمن هي الأسوأ في العالم بأكمله، فقد تسببت النزاعات التي تشهدها البلاد منذ خمس سنوات تقريبًا إلى جانب التدهور الاقتصادي الشديد في وضع البلاد على حافة المجاعة وأدت إلى تفاقم احتياجاتها في جميع القطاعات. وتحتاج نسبة 80% تقريبًا من سكان اليمن، نحو 24 مليون نسمة، إلى بعض من المساعدات الإنسانية، ومن بينهم 14,3 مليون شخص بحاجة حرجة للمساعدة. وتزداد حدة الحاجة للمساعدة حيث زاد عدد من هم بحاجة حرجة للمساعدات بنسبة 27% عن العام الماضي. وتُصنف ثلثي الأحياء اليمنية في مرحلة ما قبل المجاعة، ويقترب الثلث الأخر من مواجهة مخاطر حادة متعددة. ومن الأمور الأساسية التي ينبغي معالجتها تعطل الأسواق الرسمية وتقلب أسعار العملة وارتفاع أسعار السلع وضعف قدرة الجمهور على شراء الاحتياجات الغذائية الأساسية.ة
تشمل المساعدات الخارجية المقدمة لليمن تلك التي تستهدف مساعدة البلاد على اعتماد نهج متعدد القطاعات للاستفادة من أوجه التآزر بين القطاعات الرئيسية التي تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تعزيز وتقوية الأمور التغذوية. في هذا الشأن، قامت الحكومة اليمنية، ممثلة في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، بالتعاون مع حركة تعزيز التغذية في اليمن والأمانة الفنية للأمن الغذائي والوكالة الألمانية للتعاون الدولي والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بتصميم أداة خريطة اليمن التفاعلية، وهي عبارة عن نظام معلومات وطني يقدم بيانات ومؤشرات ذات صلة بقطاع التغذية في اليمن. كان الغرض من تصميم هذه الأداة هو تجديد وتنقيح أداة حيز اليمن الالكتروني، وإنشاء قاعدة بيانات يتم استخدامها في تحديد مشروعات ومؤشرات الأمن الغذائي والتغذية ورصدها ومتابعتها على المستوى الاقليمي داخل الوطني. ويتضمن هذا النشاط جهات فاعلة تعمل في القطاعات ذات الصلة لتقدم بيانات عن المشروعات والمؤشرات المتاحة. يمكن وصول الجهات المعنية والشركاء إلى هذه المنصة لتعزيز القدرة على تقييم ومتابعة الحالة التغذوية وتحليل الخيارات واتخاذ إجراءات فعالة لتحسين التغذية.ة
يعد انتشار المعلومات المحدّثة التي تقدمها أداة خريطة اليمن التفاعلية أمرًا ضروريًا كي يتمكن صناع القرار من التغلب على التحديات ووضع السياسات التي تناسب متطلبات استثماراتهم واستراتيجيات التنمية الخاصة بهم. ومن شأن هذه الأداة أن تُمكِن المحللين من تقديم المشورة لصناع السياسات حول المناطق التي تتطلب تدخلات سياسية. كما تعمل خريطة اليمن التفاعلية على التوثيق الرقمي، باعتبارها خطوة أساسية لحفظ المعلومات والوصول إليها. وقد تم إطلاق هذه الأداة بتاريخ 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، حيث تم إعلام الجمهور بأهمية هذه الأداة والمؤشرات والمشروعات المتعلقة بالأمن الغذائي والتغذية. ونظرًا لقدرة الأداة على تطوير سبل التآزر وتخطيط المشروعات القائم على الأدلة والتنسيق وفقًا للبيانات وصناعة السياسات، فإنها تعد بمثابة خطوة مهمة في الطريق نحو تحقيق التنمية الإنسانية وإعادة الإعمار بعد انتهاء النزاع.ة
على سبيل المثال، سوف تساعد هذه الأداة على توجيه المساعدات لاحتياجات محددة ذات أولوية مثل سوء تغذية الأطفال، حيث يعمل الاستثمار في تغذية الأطفال على تحسين صحة البالغين ومستوى تعليمهم وإنتاجيتهم. ويعيق انتشار انخفاض الوزن عند الولادة إمكانية وصول الطفل إلى النمو الكامل، ويؤدي نقص المغذيات الدقيقة إلى تدمير المخ، وكذلك تؤدي الإصابة بفقر الدم والجوع إلى تدني أداء الأطفال في المدارس على المدى القصير. يعاني اليمن من عدم تساوي مستوى التقدم في التنمية وعدم التكافء في انتشار عبء سوء التغذية بين السكان. وعلى الرغم من حدوث بعض التحسن في نتائج الصحة، إلا أن الاستثمارات في قطاع التغذية في اليمن لا تزال محدودة للغاية بسبب العوامل العديدة المؤدية إلى نقص التقدم، وأهمها على الإطلاق تدني الأداء الحكومي وغياب المساءلة وعدم الاستقرار السياسي والكوارث الطبيعية وسوء البنية التحتية والافتقار إلى التنسيق في تقديم المساعدات والتدخلات.ة
يتطلب تحسين مؤشرات سوء التغذية إيجاد حلول جذرية لجميع الأسباب غير المباشرة الأخرى لسوء التغذية، بما في ذلك تحسن الوضع الاقتصادي والاستقرار السياسي وتحسين المؤشرات ذات الصلة، مثل تحسين الوصول إلى المياه النظيفة الآمنة وتحسين خدمات الصرف الصحي وغيرها من الخدمات الصحية.ة
يقوم القطاع الزراعي بدور محوري في دعم الأمن الغذائي ومكافحة الفقر في اليمن، حيث يوفر نحو 25% من الغذاء الذي تستهلكه البلاد، ويساهم بنسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي ويوفر فرص عمل لنسبة 40,9% من إجمالي القوى العاملة وينتشر جغرافيًا في المناطق الريفية التي تتركز بها جيوب الفقر. علاوًة على ذلك، يمثل قطاع صيد الأسماك مصدرًا رئيسًا للأمن الغذائي والدخل وفرص العمل، كما يوفر فرص عمل لأكثر من نصف مليون شخص الذين يدعمون بدورهم 1.7 مليون شخص بما يمثل 18% من سكان المجتمعات المحلية الساحلية البالغ عددهم 9.4 مليون شخص. كما يقوم التعليم بدور مهم في زيادة الوعي، ومن شأن توفير فرص متكافئة للتعليم أن يحسن من السلوك التغذوي بين الأطفال في جميع أنحاء البلاد.ة
وبالاستفادة من المعلومات الموجودة في أداة خريطة اليمن التفاعلية، يصبح بإمكان صناع السياسة والشركاء الدوليين متابعة التقدم المحرز في عدة أمور من بينها على سبيل المثال الحصول على خدمات الصرف الصحي، وبالتالي يتمكنون من وضع استراتيجيات محددة تتناول هذا الأمر.ة
وسوف تبين الأداة وصول المحافظات إلى خدمات الصرف الصحي خلال عدد من السنوات، استنادًا إلى الأدلة المتاحة. ومن ثم، يتم إبراز المحافظات التي نجحت في إحراز أعلى مستوى من التقدم في مؤشرات محددة، مقارنًة بالمحافظات التي لا تزال تفتقر إلى المزيد من المساعدات أو المشروعات التنموية أو التي هي بحاجة ماسة إليها. بناء على ذلك، تتغلب أداة خريطة اليمن التفاعلية بالأساس بعض التحديات مثل البيانات الغير محدّثة وغياب الشفافية، مما يمكن الشركاء وصناع السياسات من توجيه الانتباه والاستراتيجيات والتمويل إلى المناطق الأكثر حاجة.ة
خلال الأسابيع والأشهر القادمة، ستخضع أداة خريطة اليمن التفاعلية للاختبار، حيث تبذل الجهات المانحة والجهات الحكومية قصارى جهدها لمواجهة الأزمات اليمينة المتعددة (على أمل أن يتم ذلك بطريقة منسقة).ة