June 25, 2019
هدى الإنبابي وكليمنز بريسينجر – المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية
ماريا لورا سانشيز بويرتا - البنك الدولي
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
تزايد الاهتمام بشأن إصلاح منظومة دعم المواد الغذائية وإطلاق استراتيجية حماية اجتماعية شاملة
في نطاق السياق الراهن القائم في مصر والذي يشهد إجراء إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق، يزداد الاهتمام بشأن تحسين منظومة "التموين" المعنية بدعم المواد الغذائية القائمة منذ أمد طويل. وتعود بطاقات التموين، التي يتم توفيرها في ظل منظومة دعم المواد الغذائية المُشار إليها، بالنفع على ما يقرب من ٧٠ مليون نسمة، بينما تستفيد قرابة ٨٣ مليون نسمة من منظومة دعم رغيف الخبز، كما تستأثر المنظومتان في مجموعها بحوالي ٦٪ من ميزانية الحكومة.ة
وفي إطار حلقة عمل تم تنظيمها من جانب البنك الدولي تحت رعاية وزارة التموين والتجارة الداخلية، في الموافق من ٢٠ مايو عام ٢٠١٩، شددت "مارينا ويس" (بصفتها المديرة القطرية للبنك الدولي لمصر واليمن وجيبوتي) على المكاسب المتوقعة والمتوخاة من إصلاح برنامج الدعم المُشار إليه، كما أكدت على أهمية الاستفادة من خبرات بلدان أخرى، مع مراعاة السياق المتعلق بالظروف السائدة في مصر. ومن جانبها، ألقت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، الضوء على الجهود التي تُبذل من جانب الحكومة في سبيل إنشاء سجل وطني موحد على مستوى مصر مع التأكيد على أهمية صياغة استراتيجية حماية اجتماعية مشتركة تضم كل من وزارة التضامن الاجتماعي ووزارة التموين والتجارة الداخلية. وبالمثل، شدد الدكتور علي مصيحلي، وزير التموين والتجارة الداخلية، على أهمية إنشاء نظام دعم يتميز بمزيد من الكفاءة ويستهدف الفئات الفقيرة والمستضعفة، بما يتيح الفرصة أمام الأسر المعيشية لشراء المتطلبات التي يشتد احتياجها إليها.ة
الدروس المستفادة من إصلاحات شبكات الأمان الاجتماعي في الفلبين وإندونيسيا والولايات المتحدة
يوفر برنامج شبكة الأمان الاجتماعي في الفلبين في الوقت الراهن التغطية لعدد يرقى إلى ٤,٤ مليون أسرة، بما يسهم في تلبية احتياجات ١٠ ملايين طفل. وتمثلت بعض التحديات الرئيسية التي تم التعرض لها، وفق إفادة السيدة كورازون جوليانو سليمان (بصفتها الأمين السابق لإدارة التنمية والرعاية الاجتماعية ، الفلبين)، في الأخطاء التي تشوب عمليتي الإدراج والإقصاء فضلاً عن إقناع الأسر التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة بشأن عدم أحقيتها للاستفادة من البرنامج، وإبراز القيمة الكامنة في هذا البرنامج بالنسبة إلى الأسر المعيشية الأكثر فقراً. وانطوت البحوث والدراسات على أهمية حاسمة من أجل إيجاد حلول للتصدي إلى التحديات التي تم التعرض لها، حيث تم إعداد منهجية القياس "إختبار التقييم غير المباشر للموارد المتعددة لدى الأسر" بما يكفل تحسين عملية الاستهداف، وتم تحديد الفجوات القائمة في المدارس والمرافق الصحية، كما تم إنشاء نظام للتظلم والتدقيق. وبالإضافة إلى ذلك، تم تصميم وإطلاق حملة إعلامية عبر منابر الإعلام بغرض تسليط الضوء على الفوائد (غير المباشرة) الناتجة عن البرنامج على نحو يكفل الإبقاء على الأطفال في المدارس ويضمن سلامة صحتهم.ة
وفي إندونيسيا، تم إطلاق برنامج دعم محصول الأرز في عام ٢٠٠٢، في إطار برنامج يحمل عنوان "برنامج المساعدات الغذائية غير النقدية" والذي يتم الاستفادة به عبر قسائم الكترونية في متاجر التجزئة المحلية. وفي سبيل تحسين النتائج الصحية والتغذوية، تم توسيع نطاق البرنامج ليشمل البيض وأطعمة مغذية أخرى، بما في ذلك على سبيل المثال اللحوم وحليب الأطفال الرضع (الغذاء التكميلي المخصص للأطفال الرضع). ووفق تصريح دكتور " ڤيڤي يالسواتي" (بصفتها مدير برنامج الحد من الفقر وتطوير الرعاية الاجتماعية، وزارة التخطيط الإنمائي الوطني، إندونيسيا)، في مستهل البرنامج، ارتفع معدل ارتكاب الإخطاء في عملية الإدراج، مع تغطية نسبة ٥٠٪ من تعداد السكان. وقد أثار هذا الوضع اهتمام صُناع السياسات ودفع بهم إلى دراسة البرنامج بهدف التحسين والتطوير. وتم إطلاق عملية الإصلاح عن طريق إجراء دراسة استرشاديه، في سبع مدن، على مدى عام واحد. وقد تم التدرج في توسيع نطاق هذه الدراسة لتستهدف ٤٤ مدينة بعد مُضي عام واحد، ولتصل إلى ٢٠٠ مدينة في العام التالي، وذلك قبل تعميمها على كافة أنحاء البلاد. وساهمت عمليات الرصد والتقييم المستمرة في إفادة المراحل اللاحقة. وبالإضافة إلى ما سبق، فقد ساهمت عناصر أخرى مثل: 1) تنسيق الجهود المبذولة مع الوزارات المختصة والجهات المعنية الأخرى، 2) حشد التأييد السياسي من جانب رئيس الجمهورية، 3) تعزيز الاتصال والتواصل؛ في استهداف فئات مختلفة من الجمهور المعني.ة
يستفيد نحو ٤٠ مليون مواطن أمريكي ومواطنة أمريكية من برنامج المساعدات الغذائية التكميلية، ليستأثر بقرابة ٠,١٣٪ من الميزانية الفيدرالية، في سبيل بلوغ هدف رئيسي يتمثل في الحد من انعدام الأمن الغذائي. وتستند أحقية الاستفادة من البرنامج إلى اختبارات تحديد مستوى الدخل وتقييم ملكية الأصول؛ كما أن حجم المساعدات يتم تحديده بناءً على مستوى الدخل وحجم الأسرة. ووفقاً لإفادة دكتور "كريج جندرسون" (أستاذ في جامعة إلينوي)، يتم إلحاق الغالبية العظمى من الأشخاص المستفيدين في البرنامج لفترة عام واحد أو دون ذلك، مع إخراج ثلثي هذا العدد من البرنامج بعد مرور عامين. وتتميز آلية استهداف البرنامج بالفاعلية في المقام الأول بفضل الإجراءات المستفيضة والمُدد الزمنية اللازمة للتقدم بطلبات الانضمام إلى البرنامج. وبالإضافة إلى ذلك، تستفيد آلية الاستهداف من الشعور بالحرج الاجتماعي نتيجة الانضمام إلى البرنامج.ة
إمكانية مساهمة إصلاحات برامج الدعم الغذائي في مصر في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والحد من معدل الفقر
توفر البحوث الجاري تنفيذها من جانب المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، بناء على نموذج التوازن العام في الاقتصاد الكلي، والذي يتم إعداده بـالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، شواهد إضافية تبرهن على الفوائد المحتملة والمتوخاة من إجراء إصلاحات الدعم الغذائي في مصر. ومن خلال خفض أعداد المستفيدين والمستفيدات، وتحسين آلية الاستهداف في إطار منظومة التموين، يتسنى التعجيل بوتيرة النمو الاقتصادي والحد من معدلات الفقر، ولاسيما في حال لجوء الحكومة إلى الاستعانة بالمدخرات في سبيل خفض العجز النقدي. وعلاوة على تحسين آلية الاستهداف، من المرجح أن يُسهم الانتقال التدريجي نحو نظام الدعم النقدي في تحقيق أثر إيجابي على الإسراع من إيقاع النمو الاقتصادي والتخفيف من وطأة الفقر.ة
تؤيد هذه النتائج الخطط المعتمدة من جانب وزارة التموين والتجارة الداخلية بهدف تحسين آلية الاستهداف في إطار برامج دعم المواد الغذائية وذلك كخطوة مبدئية هامة. وفي إطار متوازِ مع ذلك، قد تنظر وزارة التموين والتجارة الداخلية إلى تغيير أنماط برنامج التموين (على سبيل المثال، الانتقال نحو نظام الدعم النقدي أو نظام النقد المخصص للغذاء). وعلى ما يبدو، تنحاز الخبرات المستقاة من بلدان أخرى إلى برامج الدعم النقدي، في حالة ارتفاع مستوى أداء أسواق المواد الغذائية بها. وذلك نظراً لانخفاض التكلفة المرتبطة بإدارة برامج تقديم المساعدات النقدية بشكل عام فضلاً عن ارتفاع قدرتها على تحسين نواتج التغذية. ويتمثل أحد الشواغل الرئيسية المرتبطة بالانتقال إلى المساعدات النقدية (أو النقد المخصص للغذاء) في تضخم أسعار المواد الغذائية في المعتاد، ولاسيما في حالة التقاعس عن تعديل التحويلات النقدية على أساس منتظم بما يتماشى مع معدل التضخم. وتتمثل نقطة الانطلاق المثلى بالنسبة إلى وزارة التموين والتجارة الداخلية صوب تغيير الأنماط المرتبطة ببرنامج التموين في تنفيذ مشروعات استرشادية على نطاق ضيق، وهو ما ينطبق على البرامج التي تقتصر على المساعدات النقدية فحسب وبرامج النقد المخصص للغذاء على حد سواء، وذلك في مجتمعات محددة. ومن المتوقع أن تُسهم الخبرة المستقاة من هذه المشروعات في تمكين وزارة التموين والتجارة الداخلية من التمتع بوضع متميز يكفل لها اتخاذ قرارات سليمة بشأن المسار الواعد صوب إصلاح برنامج الدعم الغذائي في مصر.ة