٢٤ أكتوبر ٢٠١٩
لينا عبد الفتاح – المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية
تُعد هذه المدونة بمثابة بيان موجز يتناول ملامح مذكرة سياسات البرنامج الإقليمي والصادرة عن المعهد الدولي لسياسات البحوث الغذائية تحت عنوان "اليمن تأثير واسع النطاق على صعيد الاقتصاد العام جراء اندلاع الصراع وسيناريوهات بديلة من أجل التعافي". ويتسنى الاطلاع على نص المذكرة الكاملة عبر هذا الرابط.ه
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
طرح الصراع الدائر في اليمن تهديدات نالت من حياة ملايين الأرواح، كما أفضى إلى كارثة إنسانية تندرج ضمن أبرز الكوارث الانسانية الجسيمة التي حلت بالعالم. وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يقتضي الوضع توفير صورة من صور المساعدات الإنسانية إلى اثنين وعشرين (٢٢) مليون نسمة (بواقع خمسة وسبعين في المائة (٧٥٪) من سكان اليمن)؛ حيث تتأرجح خمسة عشر (١٥) مليون نسمة على حافة مجاعة حادة، كما اضطرت ثلاثة (٣) ملايين نسمة إلى الفرار من ديارها، بينما يعاني قرابة أربعمائة ألف (٤٠٠,٠٠٠) طفل من سوء التغذية الحاد. ه
استعراض عام بشأن التأثير الاقتصادي الناجم عن الصراع في اليمن
إلى جانب الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يشهدها اليمن، وفضلاً عن إفساح المجال أمام المليشيات المسلحة، تسبب الصراع الدائر في اليمن في إلحاق أضرار فادحة بالاقتصاد. ووفق التقديرات الصادرة عن صندوق النقد الدولي (صندوق النقد الدولي، عام ٢٠١٨)، تعرض الاقتصاد اليمني للتقلص بنحو أربعين في المائة (٤٠٪) في غضون الفترة ما بين نهاية عام ٢٠١٤ وعام ٢٠١٨. ويُشير تقييم الاحتياجات الديناميكية في اليمن الذي تم إجرائه من قبل البنك الدولي (البنك الدولي، عام ٢٠١٨) إلى استئثار قطاع الإسكان بالقسط الأعظم من الضرر المادي الحادث هناك (تعرضت نسبة ثلاثة وثلاثين في المائة (٣٣٪) من الوحدات لدمار جزئي أو شامل). وبالمثل، تضررت قطاعات التعليم والصحة والنقل والموصلات والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية بمعدلات حادة، حيث تتفاوت الأضرار الإجمالية ما بين سبعة وعشرين في المائة (٢٧٪) (قطاع النقل والمواصلات) وواحد وثلاثين في المائة (٣١٪) (قطاعات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية). وانحسر معدل تضرر قطاع الطاقة وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل نسبي (حيث بلغت مستويات الأضرار التقديرية ثلاثة عشر في المائة (١٣٪) وأحد عشر في المائة (١١٪) على التوالي). ه
تسبب تدمير البنية التحتية المادية، وفقدان القوى الإنتاجية، وتردي الشبكات الاقتصادية وسلاسل التوريد في انخفاض حوافز مزاولة الأنشطة الإنتاجية بمعدلات حادة (موير وآخرون، ٢٠١٩). وتراجعت صادرات المواد الهيدروكربونية بمعدلات ملحوظة طوال فترة الصراع، وهو ما أدى إلى تناقص حاد في النقد الأجنبي و تقييد الاستيراد من المواد الغذائية والوقود وغيرها من السلع. وتضرر الاستهلاك الخاص بمعدل حاد جراء تردي الوضع الاقتصادي، وهو ما يُعزى في المقام الأول إلى تصاعد أسعار المواد الغذائية والتأخر في سداد الرواتب والأجور في القطاع العام (والذي يستوعب نسبة خمسة وعشرين في المائة (٢٥٪) من القوى العاملة)، وتفاقم نسبة البطالة. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت جميع الاستثمارات تقريباً إلى الإيقاف أو الانسحاب. ونتيجة لذلك التدهور على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، تُشير تقديرات البنك الدولي إلى تزايد أعداد الفقراء في اليمن، حيث تتراوح النسبة في الوقت الراهن ما بين واحد وسبعين في المائة (٧١٪) وثمانية وسبعين في المائة (٧٨٪) (البنك الدولي، عام ٢٠١٧).ه
نموذج تحليل الصراع وصياغة سيناريوهات إعادة الإعمار
سعياً إلى تحليل التأثير الناجم عن الصراع على صعيد الاقتصاد العام وتحديد الخيارات المتاحة أمام إعادة البناء والإعمار، عمد فريق الباحثين إلى استخدام نموذج التوازن العام الديناميكي والذي يطرح إطار تحليلي متسق.ه
تُشير التقديرات المستندة إلى هذا النموذج إلى تفاقم الخسائر الاقتصادية التراكمية الناجمة عن الصراع الجاري في اليمن إلى ما يرقى إلى المثل ونصف المثل تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي المُحقق في اليمن خلال فترة ما قبل الصراع. يتمثل أحد التأثيرات الناجمة عن هذا الانهيار الاقتصادي في بلوغ الشريحة السكانية اليمنية التي ترزح تحت خط الفقر نسبة سبعة وسبعين في المائة (٧٧٪) في عام ٢٠١٨. وحتى في أعقاب انتهاء الصراع، من المتوقع أن يستمر الناتج المحلي الإجمالي في اليمن دون مستويات عام ٢٠١٤ بمعدل كبير على مدى سنوات طويلة قادمة وذلك في حالة عدم اقتران سيناريو فض الصراع بدعم مالي خارجي استثنائي وغيره من أشكال الدعم التنموي من جانب الأطراف الشريكة لليمن. ه
وفي حالة سيناريو التعافي القائم على أساس محدودية المساعدات (بناء على محاكاة تفترض بلوغ تدفقات المساعدات الأجنبية ما يعادل ١,٩ مليار دولار أمريكي بشكل سنوي، علاوة على الإنفاق المحلي)، من المتوقع أن يعاود الاقتصاد اليمني مجدداً الوصول إلى مستوى الناتج المحلي الإجمالي لعام ٢٠١٤، وذلك بحلول عام ٢٠٢٥، ولكن من المرجح أن تظل مستويات الفقر مرتفعة للغاية ، مما سيشكل مخاطر على فرص التعافي المجتمعي وتقليص إمكانية صياغة عقد اجتماعي جديد بعد انتهاء الصراع.ه
ويبين الشكلان التوضيحيان أدناه بشكل موجز التأثير المترتب عن سيناريوهات إعادة الإعمار على معدل الفقر ومستوى الناتج المحلي الإجمالي.ه
سيناريوهات بديلة في سبيل إعادة الأعمار والتأثير المترتب على الفقر
سيناريوهات بديلة في سبيل إعادة الأعمار والتأثير المترتب على الناتج المحلي الإجمالي
فقط في حالة سيناريو التعافي القائم على أساس ارتفاع المساعدات (بناء على محاكاة تفترض ارتفاع تدفقات المساعدات الأجنبية بما يعادل ٣,٩ مليار دولار أمريكي بشكل سنوي)، مع الاقتران بتحسينات بارزة في القدرة الاستيعابية، سوف يتسنى تحقيق ناتج محلي إجمالي في اليمن يُضاهي المستويات الاقتصادية ومعدلات الفقر السابق تقديرها قبل اندلاع الصراع، وذلك بحلول عام ٢٠٢٥. سعياً إلى بلوغ هذه النتيجة الإيجابية، وبصرف النظر عن محور النشاط الرئيسي المتعلق بفض الصراع، يقتضي الوضع بذل جهود هائلة على مدى السنوات القادمة في سبيل تعويض أرصدة رؤوس الأموال وتطويرها، وإعادة بناء المؤسسات الاقتصادية، وإحياء الشبكات الاقتصادية.ه