الهيكلة والحوكمة الرشيدة لقطاع البقول في المغرب: ة
"نتائج مسح إلكتروني على طريقة "دلفي
١٨ يونيو/حزيران ٢٠٢٠
العربي التومي – خبير اقتصادي اجتماعي وزراعي ومدير الشئون العامة بالأمانة العامة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، الرباط (المغرب).ة
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
تعتبر قضية الأمن الغذائي من القضايا ذات الأولية في جدول الأعمال السياسي للبلدان النامية والمتقدمة والتي تتجسد في عمل السلطات العمومية التي تعتبر حوكمة الغذاء بمثابة أداة لمواجهة التحديات المتعددة أمام الاستدامة، والبقول من المحاصيل القادرة على مواجهة هذه التحديات، حيث تلعب دورًا متزايد الأهمية في السياسات الزراعية بالعديد من البلدان. ينبع هذا الاختيار من التحديات البيئية والاقتصادية التي تدفع السياسات العامة للعمل نحو أنظمة غذائية أكثر استدامة، حيث تمثل البقول الغنية بالبروتين تحديدًا بديلا لاستهلاك البروتينات الحيوانية، فضلا عن مزاياها الاقتصادية والبيئية والزراعية والتغذوية والصحية. وبالنظر إلى هذا الدور الحاسم في تحقيق نظام غذائي صحي ومتوازن، وتحقيق استدامة الإنتاج الغذائي، وقبل كل شيء تحقيق الأمن الغذائي، شجع المجتمع الدولي على إنتاج البقول، حيث أعلن عام 2016 السنة الدولية للبقول خلال الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة.ة
خلال فترة الستينيات والسبعينيات، كان المغرب أحد أكبر مصدري البقول في العالم، إلا أن سياسة دعم القمح، التي انعكست في إطلاق برنامج لتكثيف المحاصيل في عام ١٩٨٥ يهدف إلى زراعة مليون هكتار من القمح عن طريق نشر أصناف نباتية جديدة، وتحديد أسعار مضمونة وهوامش تسويقية، كان لها آثار سلبية على الإرشاد المقدم لقطاع البقول وتقدمه الفني، وهو ما أدى إلى عدم كفاية إنتاج البقول للاحتياجات الاستهلاكية منه. والواقع أن متوسط معدل تغطية الاستهلاك من البقول كان ٤١٪ فقط خلال العقدين الماضيين (١٩٩٧-٢٠١٧). ووفقًا لاتجاه سيناريو ٢٠٢١-٢٠٢٥ الذي وضعته المندوبية السامية للتخطيط، سيستمر هذا الوضع لأن النمو السنوي في إنتاج البقول سيكون إيجابيًا بعض الشيء، ليتجاوز بالكاد ٢٪، وهذه النسبة غير كافية إلى حدٍ كبير لتغطية الطلب المحلي على البقول. ة
بالإضافة إلى ذلك، قامت المبادرة المغربية الهندية لتنمية البقوليات الغذائية، التي أُطلقت خلال الفترة من سبتمبر/أيلول ٢٠١٤ إلى سبتمبر/أيلول ٢٠١٨، بتشخيص قطاع البقول وتحليل المرحلة النهائية من سلسلة قيمة هذا القطاع. وقد أظهر هذا التشخيص تدخل عدة جهات فاعلة في سلسلة القيمة مع تجزئة الإمداد والتوريد المحلي، وتبديد المعلومات، وسوء التنظيم، وغياب الحوكمة، وهيكلة الروابط بين الجهات الفاعلة الأساسية والفرعية في القطاع (شكل رقم ١).ة
بالتركيز على تنظيم وحوكمة قطاع البقول في المغرب وبناءً على نتائج المبادرة المغربية الهندية، أجرينا بحثًا يهدف إلى تناول السؤال التالي: كيف يمكن هيكلة قطاع البقول وتحسين حوكمته من أجل تحقيق الأمن الغذائي؟ وذلك من خلال دراسة القضايا والقيود الأساسية التي تؤثر على جميع الروابط الموجودة في سلسلة قيمة القطاع ومستقبله خلال العقد المقبل.ة
بتطبيق طريقة دلفي والتشاور مع الخبراء والمتخصصين من مختلف الروابط في سلسلة قيمة البقول، أظهرت النتائج اتجاهًا نحو الإجماع أكثر من الخلاف. وفيما يلي ملخص للمقترحات السابقة التي تعالج القضايا والقيود الأساسية التي تعترض عملية هيكلة سلسلة قيمة البقول وتحسين حوكمتها:ة
القضايا الأساسية |
القيود الأساسية |
مقترحات سابقة حصلت على توافق آراء بنسبة عالية (+٨٠%) |
مساعدة صغار المنتجين على تحسين وضعهم في سلسلة الإمداد والتوريد |
تجزئة الإمدادات المحلية بين موزعي القطاع | - التوعية بإنشاء جمعيات للمنتجين ينظمها اتحاد وطني بهدف التغلب على تجزئة سلاسل الإمداد والتوريد المحلي
- تعزيز قدرات منظمات المنتجين والمنظمات المهنية في الإدارة والتفاوض لتأكيد حقوق أعضائها |
تعزيز الوضوحالوضوح وتوحيد الرؤى بين الجهات الفاعلة في سلاسل القيمة |
تبديد المعلومات |
- تطوير الشراكات بين الجهات الفاعلة الأساسية والفرعية في القطاع تحقيقًا لرفاهية المستهلك (الجودة وإمكانية الوصول)ة - تعزيز نشر وتبادل المعلومات بين الجهات الفاعلة في سلسلة القيمة (منشأ المنتج)ة |
ضمان الحوكمة الرشيدة لأغراض تحقيق الأمن الغذائي |
سوء التنظيم وغياب الحوكمة |
- إنشاء اتحاد بين المهنيين مخصص للبقول مثل سلاسل الإنتاج الزراعي الأخرى، وحشد كافة الجهات الفاعلة في القطاع لتنضم إلى هذا الاتحاد - تحسين كفاءة وفعالية الإجراءات لصالح القطاع (إنتاج البذور، إجراء بحوث حول الأصناف النباتية، الرقابة الصحية، الخدمات الاستشارية الزراعية، الركيزة الثانية لمخطط المغرب الأخضر ومشاريع التجميع، تنظيم جانبي العرض والطلب) - تعزيز التنسيق والتآزر بين الجهات الفاعلة في سلسلة قيمة البقول لتحسين الإجراءات وتقليل تكاليف عوامل الإنتاج - تنمية الثقة والشفافية تجاه مختلف الشركاء والمستخدمين المعنيين بالقطاع |
وعلى الرغم مما سبق، كشف تحليل تعليقات الخبراء عن مستقبل القطاع بحلول أفق ٢٠٣٠ عن آراء مثيرة للجدل، ولم يجعل من الممكن وضع سيناريوهات للتغيرات المتعلقة بمشاركة البقول في تعاقب المحاصيل وإمكانات زيادة المساحات الزراعية، والإنتاج والتسويق على المستوى الوطني. ة
تسلط تلك النتائج الضوء على مجموعتين أساسيتين من القيود:ة
أولا: تنظيم قطاع البقول من خلال إنشاء اتحاد بين المهنيين مخصص للبقول، حيث يتم إجراء حوار متوازن بين الجهات الفاعلة الأساسية والفرعية المعنية بالقطاع، وتبادل ممارسات الحوكمة الرشيدة واحترامها من قبل جميع الجهات الفاعلة.ة
ثانيا: الحاجة إلى التفكير الجماعي بين الجهات الفاعلة في قطاع البقول لتناول القضايا الأساسية للروابط المختلفة لسلسلة قيمة القطاع من خلال إرساء أسس رؤية استراتيجية مشتركة للقطاع وتنفيذها على أساس ممارسات الحوكمة الرشيدة. وسيتطلب هذا التنسيق وتبادل المعلومات والشفافية، والشراكة بين الجهات الفاعلة الأساسية والفرعية المعنية بالقطاع.ة
في الواقع، إن المقترحات المحددة التي تسهم في هيكلة قطاع البقول المغربي وحوكمته الرشيدة جاهزة لسرعة المراجعة والاعتماد لضمان قيام البقول بدورها المحتمل في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد. وبالتالي فإن هذه المقترحات تعد بمثابة توجهًا جديرًا بالثناء يتبعه صانعو القرار في السياسة العامة لإعادة إطلاق هذا القطاع بوصفه قطاعًا استراتيجيًا.ة
المزيد من التفاصيل حول نتائج ورقتنا البحثية (اقرأ الورقة). وقد نجح هذا البحث بفضل المساهمة القيمة لمحمد العمراني أستاذ في المدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، وعبد القادر أيت المكي أستاذ في المدرسة الوطنية لفلاحة بمكناس، ورشيد حربوز أستاذ في معهد الحسن الثاني الهندسة للزراعة والبيطرة بالرباط، وعزيز فضلاوي باحث في المعهد الوطني للبحث الزراعي بمكناس.ة