٣٠ أغسطس ٢٠٢٠
م. ميسون الزعبي - خبيرة دولية للمياه ودبلوماسية المياه في الدار العربية للمهندسين
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
يُعد إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إقليمًا شديد التشرذم أنهكه عدم الاستقرار السياسي بالإضافة إلى أزمة المياه التي تلوح في الأفق، وقد أضافت جائحة كوفيد-١٩ بعدًا مُنهِكًا آخر لهذا الإقليم لما له من آثار اجتماعية واقتصادية تفرض قيودًا كبيرة على خدمات المياه والصرف الصحي، والنظافة الصحية في الإقليم، فالصلة وثيقة بين الحد من انتقال عدوى كوفيد-١٩ والحصول على المياه وتقديم خدمات النظافة الصحية؛ فيُعد غسل الأيدي بالماء والصابون الوسيلة الأساسية في الحماية من الفيروس (منظمة الصحة العالمية، ٢٠٢٠)، ويعتبر هذا الإقليم أكثر الأقاليم معاناةً من شح المياه، ونتيجة التفشي؛ ستضع زيادة الطلب على المياه أعباءً جديدة على الأنظمة التي تُعاني بالفعل من نقص المياه وذلك من أجل الأسر والإنتاج الغذائي، فما من وقتٍ أصبحت فيه مناقشة أزمة المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ملحة أكثر من الآن؛ حيث يتم تذكير الناس باستمرار بضرورة استخدام المياه في مكافحة انتشار الفيروس.ة
تواجه حاليًّا بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصعوبات الاقتصادية التي خلقتها الجائحة، وعلى الرغم من أن هذه البلدان قد بدأت تدريجيًّا في تخفيف تدابير الإغلاق لإنعاش اقتصادها، فيجب ألا نغفل في ضوء هذه الأحداث أن كوفيد-١٩ يُشكل تذكيرًا واضحًا بالآثار الأكثر تدميرًا التي ستتسبب فيها ندرة المياه مُستقبلاً.ة
وأشار موجز سياساتي أصدرته الإسكوا مؤخرًا أن أكثر من ٧٤ مليون نسمة في الوطن العربي أكثر عرضةً للإصابة بالفيروس نتيجة نقص مرافق النظافة المناسبة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعتبر موطنًا لأكثر من ٢٦ مليون لاجئ ونازح داخليًّا، وهؤلاء اللاجئون هم الأكثر عرضةً للإصابة بالفيروس (الإسكوا، ٢٠٢٠).ة
وفي خضم هذا الإقليم الذي تسوده شواغل أمنية، ويُعدّ ذا استقرار مُزعزع؛ حيث اندلعت فيه ثورات الربيع العربي وتواصل ما تلاها من أحداث، فإن قضية صون وحماية الموارد المائية ما زالت تحاول جذب اهتمام القادة والمسؤولين. وفي ظل هذا الوضع الإقليمي، يتصدر الأردن البلدان التي يجب بحث وضعها لما يُعانيه من نقصٍ أكثر حدة في موارد المياه العذبة بالمقارنة مع البلدان المجاورة التي حباها الله بمصادر مائية أكبر أو وُهبِت ثروة تُمكنها من استخدام تكنولوجيات تحلية المياه. لقد استضاف الأردن موجات من اللاجئين والنازحين والعائدين بسبب نزاعات الشرق الأوسط طويلة الأمد، والتي أسهمت بشكل كبير في زيادات سكانية هائلة، فلا تستطيع دولة وحدها حل المشكلات الإقليمية؛ حيث يتطلب الأمر جهودًا وتعاونًا مشتركين، ولكن الوقت يداهمنا والوضع المائي في المنطقة العربية شارف الوصول إلى الأزمة، مما يضع في مقدمة التوصيات الحاجة العاجلة في الإقليم لتحسين كفاءة استخدام المياه، واستخدام منهجيات موفرة للمياه، وكذلك اختيار المحاصيل الزراعية الموفرة للمياه، وأيضًا ضرورة استخدام المياه السطحية والجوفية على وجه مُستدام وإدارتها بشكل منضبط، وتحقيق التواصل فيما بين الدول المُستفيدة من الأنهار المُشتركة.ة
ما استقبله الأردن من الهجرة الطوعية والقسرية والمغتربين
يُعد تحويل المياه من مصدر محتمل للأزمات لأداة مُحتملة للتعاون هو أكبر تحديات عصرنا، فالأمر يستوجب تغيير نظرتنا إلى المياه واعتبارها أداة للتعاون في الأساس، مع الأخذ في الاعتبار بأنها قد تكون مصدرًا للأزمات. ولكن علينا أن نجد الوسيلة لجعلها أداةً للتعاون، فمن شأن المُناورات البارعة التحايل على الاختلافات، بل أحيانًا تقود إلى تعاونٍ أفضل يُمهد السبيل لبناء السلام.ة
لِم التعاون في مجال المياه العابرة للحدود؟ة
يوجد قرابة ٣٠٠ مورد للمياه الجوفية عابر للحدود.ة-
يوجد ٢٦٣ نهرًا وبحيرة عابرة للحدود في ١٤٥ دولة.ة-
يعيش ٤٠٪ من سكان العالم في الأحواض المائية العابرة للحدود.ة-
تُغطي مستجمعات المياه العابرة للحدود نصف مساحة سطح العالم.ة-
تُعطي جائحة كوفيد-١٩ العالم بأسره فرصة لإعادة النظر في نماذج التنمية والحماية، فقد سلطت الضوء على الحاجة إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، ولكن استباق الأمور في التوصل لحلول يعد مُخاطرة بفقدان فرصة القيام بشيء أكثر تكاملاً.ة
تحتاج تسوية النزاعات المُتعلقة بالمياه إلى التفاوض والوساطة والمُصالحة، ولن ينجح ذلك إلا عندما يكون نابعًا عن فهم عميق للسياق، فالدبلوماسية الهادئة مُتعددة المسارات بالغة الأهمية، خاصةً عندما تتعثر المفاوضات بين الأطراف المُتنازعة. ومن الضروري معرفة أن التوصل لحلٍّ سلمي للقضايا الحيوية المُتنازع بشأنها ما زال مُمكنًا، ولكن العقبة تكمن في عدم القدرة على التعامل مع التعقيدات، وحالة عدم التيقن المرتبطة بالنزاعات حول موارد المياه والتعاون بشأنها.ة
منهج تقاسم المنافع
"إن التركيز على تقاسم المنافع المستمدة من استخدام المياه بدلاً من تخصيص المياه نفسها، يوفر نطاقًا أكبر بكثير لتحديد الإجراءات التعاونية المفيدة للطرفين" ، سادوف وغري ٢٠٠٥.ة
من الجدير بالذكر أن السيناريوهات المستقبلية المتوقعة لقطاع المياه تُنبئ بنشوب صراعات إذا ما استمر الاتجاه الحالي ولكنها أيضًا تخلق فرصًا للتعاون.ة
المصادر:ة
الاسكوا. ٢٠٢٠. ٧٤ مليون شخص في المنطقة العربية معرضون لخطر كوفيد-١٩ بسبب عدم الوصول إلى مرفق لغسل اليدين. آخر دخول بتاريخ ٢٦ أغسطس ٢٠٢٠. الرابط
https://www.unescwa.org/news/escwa-74-million-arab-region-risk-covid-19-due-lack-access-handwashing-facility
الأمم المتحدة للمياه. ٢٠٢٠. المياه العابرة للحدود. آخر دخول: ٢٦ أغسطس ٢٠٢٠. الرابط
https://www.unwater.org/water-facts/transboundary-waters/