توضيح آثار جائحة كوفيد-١٩ على الاقتصاد والنظم الغذائية والفقر في البلدان الأفريقية والآسيوية
٢٣ سبتمبر ٢٠٢٠
بقلم إيفجينيا أنيسيموفا - هي إخصائية اتصالات أولى في برنامج الفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية حول السياسات والمؤسسات والأسواق. هذا المنشور مُتاح أيضًا على مدونة السياسات والمؤسسات والأسواق.ة
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
واجهت البلدان في جميع أنحاء العالم جائحة كوفيد-١٩ بتطبيق إجراءات الإغلاق وغيرها من تدابير التباعد الاجتماعي، وهو ما أدى إلى ظهور اضطرابات في نظم الأغذية الزراعية وسلاسل الإمدادات الغذائية، على الرغم من استبعادها بوجه عام من القيود المفروضة، وعدم استقرار السوق العالمية. في ١١ أغسطس نظم المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية وبرنامج الفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية حول السياسات والمؤسسات والأسواق حلقة دراسية افتراضية تم خلالها استكشاف النتائج الأخيرة للعمل الذي يقوده المعهد ويدعمه برنامج السياسات والمؤسسات والأسواق لقياس آثار الجائحة على الاقتصاد والنظم الغذائية في نيجيريا وميانمار والسودان.ة
افتتح فرانك بليس، مدير برنامج السياسات والمؤسسات والأسواق، الحلقة مُشيرًا إلى أنه نظرًا لأن الحكومات تقوم حاليًا بتقييم ما إذا كانت ستواصل تطبيق السياسات الحالية للتعامل مع الجائحة أو تعديلها، ومدة استمرارها، فلا بد من الاستعانة تحديدًا بخبرة المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية في النمذجة ودعم السياسات القائمة على الطلب.ة
نهج نمذجة مُضاعف مصفوفة الحسابات الاجتماعية
يستخدم الباحثون إطار نمذجة مُضاعِف مصفوفة الحسابات الاجتماعية لقياس آثار جائحة كوفيد-١٩ على اقتصادات البلدان التي شملتها دراسات الحالة. وأوضح كارل باو، رئيس برنامج دعم استراتيجية غانا التابع للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، أن النماذج التي تعتمد على المصفوفة تتيح تحديد الآثار المباشرة وغير المباشرة لكل من التدابير المحلية والصدمات الخارجية على طول سلاسل الإمداد وعبرها. كما تُسلط هذه النماذج الضوء على كيفية تأثير تلك الصدمات على العمل ودخل الأسر المعيشية والفقر. ركز التحليل على إجراء مقارنة منهجية بين آثار الجائحة على أنظمة الأغذية الزراعية في البلدان بافتراض معدلات انتعاش اقتصادي أبطأ أو أسرع.ة
أشار باو إلى إن البلدان التي شملتها الدراسة قد تكبدت خسائر فادحة، ولكنها متفاوتة، في الناتج المحلي الإجمالي أثناء فترات الإغلاق (من ١٣٫٨٪ في السودان إلى ٤١٫١٪ في ميانمار) وذلك طبقا للسياسات الموضوعة السياسة ومدى التعامل مع الأسواق العالمية. وعلى الرغم من الاستثناءات أو الإعفاءات، إلا أن تأثير الجائحة على النظم الغذائية يمثل ما يقرب من ربع هذه الخسائر. وبينما تواجه الأسر الحضرية الأكثر ثراءً خسائر أكبر في الدخل، تتعرض الأسر الريفية الفقيرة لصدمات كبيرة وقد تجد صعوبة في التكيف معها. وقد أدت هذه الآثار بالفعل إلى ارتفاع معدلات الفقر بشكل كبير، ولا سيما خلال الربع الثاني من عام ٢٠٢٠. ومع بدء تعافي الاقتصاد، فربما تعود معدلات الفقر إلى ما كانت عليه قبل الأزمة بحلول نهاية العام، ولكن جاري الآن النظر في معدلات النمو المتوقعة لعام ٢٠٢٠ حيث تشير التوقعات إلى أنها ستهبط هبوطًا حادًا.ة
نيجريا
ذكر كواو أندام، رئيس برنامج دعم استراتيجية نيجيريا التابع للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، أن الناتج المحلي الإجمالي لنيجيريا قد انخفض بواقع ٣٤٪ خلال فترة الإغلاق، وكانت معظم الخسائر في قطاعي الخدمات والصناعة. تسبب إغلاق تجارة الجملة والتجزئة في السلع غير الأساسية في النسبة الأكبر من خسائر الناتج المحلي الإجمالي المرتبطة بالأغذية الزراعية (أكثر من ٤٠٪)، يليه إغلاق الفنادق والمطاعم والحانات، حيث ساهم في خسائرة إضافية بنسبة ٢٠٪. وفي حين أن معدل النمو المتوقع للناتج المحلي الإجمالي قبل أزمة كوفيد-١٩ لعام ٢٠٢٠ كان ٢٫٥٪ تقريبًا، إلا أن السيناريوهات المعدلة تشير إلى معدلات تتراوح من -٦٫٨٪ إلى -١١٫٤٪، تتحدد على أساس سرعة تخفيف القيود والانتعاش الاقتصادي.ة
السودان
قالت مريم رؤوف، باحثة أولى في مكتب القاهرة التابع للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، أنه في حين سجل السودان أقل خسائر في الناتج المحلي الإجمالي العامة (١٣٫٨٪) مقارنةً بالبلدان الأخرى التي شملتها دراسة الحالة، إلا أن النمط متشابه حيث ساهم قطاعا الخدمات والصناعة بأكبر الخسائر. وتعد القيود المفروضة على التجارة والنقل هي السبب وراء ما يقرب من ثلث الخسائر، وربما يكون عدد من فقدوا وظائفهم مؤقتًا حوالي ١٫٤ مليون شخص. ومن المرجح أن تدفع جائحة كوفيد-١٩ باقتصاد السودان إلى الركود وأن تزيد من معدلات الفقر بشكل كبير في عام ٢٠٢٠، ويتفاقم الوضع بسبب أزمة الجراد الصحراوي المدمر التي تشهدها منطقة شرق إفريقيا. ووفقًا لتقديرات فريق المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية فإن معدل النمو السلبي يتراوح ما بين -٤٫٨٪ إلى -٩٫٨٪ تقريبًا.ة
ميانمار
أوضح شينشين دياو، نائب مدير شعبة إستراتيجية التنمية والحوكمة في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، أن الخسارة الهائلة في الناتج المحلي الإجمالي في ميانمار بلغت ٤١٪ خلال فترة الإغلاق القصيرة التي استمرت لمدة أسبوعين خلال شهر أبريل/نيسان. وعلى مستوى القطاعات، كان التراجع في قطاعي الخدمات والصناعة أكبر بكثير مما هو عليه في قطاع الزراعة، بينما كان قطاع البناء هو الأكثر تضررًا (انخفاض بواقع ٨٢٪). فقد كانت آثار الجائحة على نظام الأغذية الزراعية أكبر من تأثيرها على قطاع الزراعة وحده: فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي الزراعي بنسبة ١٤٪، بينما وصل الانخفاض في إجمالي الناتج المحلي لنظام الأغذية الزراعية إلى ٢٤٪. وقد أثر إغلاق مرافق التصنيع بشدة على تصنيع وتجهيز المنتجات الزراعية، والتجارة والنقل المرتبطة بها، والخدمات الغذائية، مما تسبب في حوالي ٤٨٪ من التراجع الذي شهده نظام الأغذية الزراعية. ومن الأسباب الأخرى للخسائر: الانخفاض الضخم في الطلب على الصادرات والتحويلات المالية. وعلى الرغم من التراجع الكبير الذي تعرضت له ميانمار في النصف الأول من العام، فإن مدة الإغلاق القصيرة تعني أن بإمكانها تحقيق نمو متواضع، ولكنه إيجابي في الناتج المحلي الإجمالي في الربعين الثالث والرابع في ظل سيناريو الانتعاش السريع.ة
ماذا بعد؟ استشراف المستقبل بعد عام ٢٠٢٠
تحدث كريس هيلبرونر، رئيس شعبة التحليل والتعلم في مكتب السياسات والتحليل والمشاركة بمكتب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للتكيف والأمن الغذائي، عن جدوى الدراسة في توضيح المسارات التي تؤثر من خلالها الجائحة على الأسر والاقتصاد، وكذلك في تصميم استراتيجيات الاستجابة.ة
أولا، أوضح هيلبرونر أن العمل قد نُفذ بالتعاون الوثيق مع الحكومات الوطنية، ولا يسهم ذلك فقط في تحسين جودة مدخلات النمذجة، بل يضمن أيضًا ربط العمل بنظام السياسة الفعلي. ثانيًا، يكشف هذا النهج عن آثار الجائحة على نظام الأغذية الزراعية وكيفية تأثره على الرغم من عدم وجود قيود رسمية. تكمن أهمية ذلك بشكل خاص في توضيح قدرة القطاع على دفع النمو والانتعاش الاقتصادي. ثالثًا، يشير التحليل إلى أين وكيف تكون التأثيرات المرتبطة بأزمة كوفيد-١٩ أكثر وضوحًا: فعلى الرغم من أن معدلات الإصابة وحجم الخسائر في الدخل كانت أكبر في المناطق الحضرية، إلا أن الأزمة دفعت بالكثير من سكان المناطق الريفية إلى الفقر. وتساءل هيلبرونر، إذا استشرفنا المستقبل بعد عام ٢٠٢٠، كيف ستتطور الآثار الحالية؟ة
اقترح بول دوروش، مدير شعبة إستراتيجية التنمية والحوكمة في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، ثلاثة مجالات تستحق المزيد من البحث. أولاً، تحليل كيفية تأثر مختلف القطاعات الفرعية الزراعية، وكيف يمكن للأنماط الموسمية وأنماط المناخ الخاصة بكل بلد أن تؤثر على الآثار الاقتصادية قصيرة ومتوسطة المدى التي تُخلفّها الجائحة. ثانياً، معرفة المزيد عن الآثار المحتملة على المدى المتوسط، بما في ذلك تحديات أعباء الديون الوطنية والاستثمار في الاقتصاد الكلي وقطاع الأغذية الزراعية. ثالثًا، دراسة الآثار المترتبة على تغيرات الأسعار الناجمة عن صدمات أزمة كوفيد-١٩ وتدابير التخفيف من حدتها.ة
الدروس المستفادة
في ملاحظاته الختامية، أكد جون ماكديرموت، مدير برنامج الفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية حول الزراعة من أجل التغذية والصحة على ثلاثة دروس. أولاً، نظرًا لأن إجراءات الإغلاق الصارمة لم تنجح تمامًا في منع انتقال الفيروس في العديد من البلدان، فقد يلزم التفكير في اتباع نُهج أكثر دقة وتوازنًا للمضي قدمًا. ثانيًا، يجب معالجة الضرر الذي يلحق بالفقراء والضعفاء. بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، لا بد من استخدام الموارد المحدودة بذكاء لدعم شبكات الأمان الاجتماعي والتغذية وبرامج تمكين المرأة، من بين أمور أخرى، لأهمية ذلك للتعافي والتنمية المستقبلية. أخيرًا، أسفرت جائحة كوفيد-١٩ عن فقدان الوظائف ولا سيما في القطاعات الجديدة والناشئة مثل خدمات الأغذية وتوزيع وتجهيز الأغذية. وتعتبر معالجة هذه الخسائر وتقديم الدعم اللازم للمشروعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من العوامل الحاسمة لمرحلة الانتعاش والتعافي.ة
إيفجينيا أنيسيموفا هي إخصائية اتصالات أولى في برنامج الفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية حول السياسات والمؤسسات والأسواق. هذا المنشور مُتاح أيضًا على مدونة السياسات والمؤسسات والأسواق.ة