نموذج: أثر انخفاض التحويلات المالية بسبب أزمة كوفيد-19 على اقتصاد اليمن الذي مزقته الحرب
٤ مارس ٢٠٢١
بقلم داليا الصباغ، وسيكاندرا كوردي، ومانفريد ويبلت
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ة
غالبًا ما تتم مقارنة المصاعب اليومية التي تُسببها جائحة كوفيد-19 بالحياة أثناء الحرب، ولكن الوضع في اليمن أسوأ بكثير: حيث يعاني اليمنيون من الجائحة والحرب في آنٍ واحٍد. قبل عام 2020، أدت الحرب الأهلية المستمرة في اليمن إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو النصف؛ ومنذ ذلك الحين يعاني الاقتصاد اليمني من حالة تراجع ملحوظ بسبب جائحة كوفيد-19. وتوصل كل من داليا الصباغ، وسيكاندرا كردي، ومانفريد ويبلت، إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا الوضع هو انهيار التحويلات المالية من العاملين بالخارج، مما أضر بالدخل والعمالة في جميع أنحاء البلاد. جوهان سوينين، محرر مشارك في السلسلة، ومدير عام المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.ه
حتى قبل أن تضرب جائحة كوفيد-19 اقتصادات البلدان في جميع أنحاء العالم، عانى اليمن بالفعل من ويلات الحرب الأهلية لمدة خمسين عامًا، مما أسفر عن خسارة ما يقرب من 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بحلول نهاية عام 2019، وهذا ما أفادته وزارة التخطيط اليمنية. ومع استمرار الصراع، تمكنت أسر عدة من البقاء على قيد الحياة بفضل التحويلات المالية من اليمنيين العاملين بالخارج، وأصبحت مصدر دخل متزايد الأهمية، قُدر بنحو 3.77 مليار دولار في عام 2019 – أي حوالي 13٪ من الناتج المحلي الإجمالي.ه
ولكن بعد تفشي فيروس كورونا في 2020، انخفض تدفق الحوالات المالية انخفاضًا شديدًا، حيث انخفضت دخول اليمنيين العاملين في دول الخليج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بسبب انخفاض أسعار النفط وإجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي في البلدان المضيفة لهم. أفادت التقارير أن التحويلات المالية إلى اليمن عبر بنك الكريمي الإسلامي، أحد أهم مؤسسات التحويلات المالية، قد انخفضت بنسبة 70٪ في مارس 2020. وتؤكد البيانات التي تم جمعها من المقابلات التي أُجريت مع وكلاء صرف العملات الأجنبية في أواخر عام 2020 أن التحويلات المالية ظلت منخفضة على مدار العام. ه
كيف أثرت هذه الخسائر الفادحة في الدخل على اقتصاد اليمن المُنهك؟ للإجابة على هذا السؤال، وضعنا نموذج لدراسة الآثار باستخدام نهج النموذج المضاعف لمصفوفة المحاسبة الاجتماعية، حيث أظهرنا أن الانخفاض في التحويلات المالية صاحبه انخفاضًا كبيرًا في دخل الأسرة، وتعرضت الأسر الأفقر إلى الضرر الأكبر، فضلاً عن التأثيرات غير المباشرة الملحوظة على الإنتاج والأنظمة الغذائية والعمل.ه
الأثر الواقع على دخل الأسرة
يتبين من هذا النموذج أن جميع الأسر اليمنية عانت من خسائر في الدخل في 2020 بسبب فيروس كورونا، إلا أن الآثار رجعية، حيث تعاني الأسر الفقيرة من معدلات انخفاض أكبر نسبيًا.ه
بوجه عام، يوضح النموذج أن الأسر الأشد فقرًا، الممثلة بالتقسيم الخُمسي 1 و2، تعاني من خسارة حادة في الدخل تقارب 21٪ خلال عام 2020 (الشكل رقم 1) ويرجع ذلك أساسًا إلى اعتمادها بشدة على التحويلات المالية كمصدر للدخل. تقل نسب الخسائر بين الفئات الخمسية ذات الدخل المرتفع مقارنةً بغيرهم، ولكن خسائرهم المطلقة أكبر بكثير.ه
تعاني الأسر الريفية من خسائر أعلى قليلاً في الدخل مقارنةً بالأسر الحضرية، حيث أن الأولى هي من بين الشرائح الأفقر في المجتمع اليمني، وتعتمد أكثر من غيرها على التحويلات المالية كمصدر للدخل، فضلاً عن زيادة حصته من الدخل الذي يعتمد على قطاعي الزراعة والخدمات، نظرًا لتضررها الشديد نتيجة انخفاض استهلاك الأسرة على المستوى الوطني.ه
صاحب الانخفاض المباشر في الدخل المتاح لاستهلاك الأسر انخفاضًا في الطلب، مما أثر بشكل غير مباشر على قطاع الاقتصاد بأكمله. ويتضح من مقارنة إجمالي التغيرات في دخل الأسرة بالتغيرات المباشرة الناتجة عن التحويلات المالية (الشكل رقم 1) أن هذه الآثار غير المباشرة تزيد خسائر الدخل الناتجة عن انكماش قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات بواقع درجتين إلى ثلاث درجات مئوية.ه
الأثر الواقع على الناتج المحلي الإجمالي حسب القطاع
على المستوى الدولي، يقدر النموذج أن الانخفاض في التحويلات المالية قد أفضى إلى انخفاض بنسبة 8.5٪ في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليمن خلال عام 2020. وتتساوى جميع القطاعات الاقتصادية إلى حد ما من حيث مدى تأثرها بانخفاض التحويلات المالية: تشير التقديرات إلى تراجع قطاع الزراعة بأكثر من 9٪، بينما بلغت نسبة تراجع قطاعي الصناعة و القطاعات الخدمية بأكثر من 8٪. ساهم قطاع الزراعة والصناعة والخدمات في الناتج المحلي الإجمالي اليمني في 2019 بـ 19٪ و20٪ و61٪ على التوالي. لذلك، في حين أن القطاع الزراعي هو الأكثر تضررا من حيث النسبة المئوية، إلا أن قطاع الخدمات يعاني من أكبر نسبة للانخفاض المطلق.ه
انخفض نظام الأغذية الزراعية ككل بنسبة 9.5٪. وبينما تضررت جميع قطاعات الأغذية، إلا أن الضرر الاقتصادي الأكبر قد حدث في قطاع تصنيع الأغذية، بما في ذلك طحن الحبوب وتجهيز البن، حيث تقدر خسائره بنسبة 9.7٪، ويعزى ذلك إلى انخفاض معدل طلب الأسر المعيشية.ه
الأثر الواقع على الأسر المعيشية
يعود تأثير انخفاض الحوالات المالية بسبب الجائحة على التوظيف في المقام الأول إلى فقدان الوظائف في قطاع الخدمات، الذي يستوعب 60 ٪ من جميع العمال (وفقًا لمصفوفة المحاسبة الاجتماعية) يليه قطاع الزراعة، الذي شهد أكبر انخفاض نسبي (الشكل رقم 2). في قطاع الخدمات، تشهد التجارة والنقل انخفاضًا حادًا في الطلب بسبب الانكماش في جميع سلاسل القيمة تقريبًا. كما أدى انخفاض الطلب على الأنشطة التجارية والخدمات الصحية والأنشطة العقارية والعمالة المنزلية وأعمال البناء والزراعة إلى انخفاض العمالة بشكل كبير.ه
يعود تأثير انخفاض الحوالات المالية بسبب الجائحة على التوظيف في المقام الأول إلى فقدان الوظائف في قطاع الخدمات، الذي يستوعب 60 ٪ من جميع العمال (وفقًا لمصفوفة المحاسبة الاجتماعية) يليه قطاع الزراعة، الذي شهد أكبر انخفاض نسبي (الشكل رقم 2). في قطاع الخدمات، تشهد التجارة والنقل انخفاضًا حادًا في الطلب بسبب الانكماش في جميع سلاسل القيمة تقريبًا. كما أدى انخفاض الطلب على الأنشطة التجارية والخدمات الصحية والأنشطة العقارية والعمالة المنزلية وأعمال البناء والزراعة إلى انخفاض العمالة بشكل كبير.ه
يعود تأثير انخفاض الحوالات المالية بسبب الجائحة على التوظيف في المقام الأول إلى فقدان الوظائف في قطاع الخدمات، الذي يستوعب 60 ٪ من جميع العمال (وفقًا لمصفوفة المحاسبة الاجتماعية) يليه قطاع الزراعة، الذي شهد أكبر انخفاض نسبي (الشكل رقم 2). في قطاع الخدمات، تشهد التجارة والنقل انخفاضًا حادًا في الطلب بسبب الانكماش في جميع سلاسل القيمة تقريبًا. كما أدى انخفاض الطلب على الأنشطة التجارية والخدمات الصحية والأنشطة العقارية والعمالة المنزلية وأعمال البناء والزراعة إلى انخفاض العمالة بشكل كبير.ه
ومع استمرار الحرب حتى 2020، لم ينفذ اليمن سوى القليل من تدابير التخفيف من حدة الوباء على نطاق واسع. ولكن أوضحت نتائج النموذج المُضاعِف لمصفوفة المحاسبة الاجتماعية وجود تأثيرًا ضارًا كبيرًا قصير المدى على الناتج الاقتصادي ورفاهية الأسرة بسبب انخفاض التحويلات المالية، ولن تتمكن حتى أقوى استجابات الحكومة اليمنية للوباء من التغلب على ذلك التأثير. ويتوقف التأثير الاقتصادي طويل المدى على استجابة بلدان الخليج المجاورة للجائحة – حيث قد يسهم ذلك في رجوع التحويلات المالية - وعلى الحفاظ على تدفقات المساعدات الخارجية أو زيادتها، كونها مصدرًا رئيسيًا آخر لدعم الأزمة وحل مشكلة دخل الأسرة اليمنية، في وقت تواجه فيه الموازنات الأجنبية المخصصة للمساعدات ضغوطًا غير عادية بسبب الجائحة.ه
داليا الصباغ هي باحثة مساعدة أولى في برنامج دعم الاستراتيجية المصرية التابع للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، ومقره في القاهرة. سيكندرا كردي زميلة باحثة في شعبة إستراتيجية التنمية والحوكمة في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، وتعمل مع دعم الاستراتيجية المصرية. مانفريد ويبلت زميل أبحاث أول وأستاذ (فخري) في علم الاقتصاد في معهد كيل للاقتصاد العالمي، كيل بألمانيا. التحليلات والآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلفين فقط.ه
مول الصندوق الدولي للتنمية الزراعية هذه الدراسة في إطار مشروع أداة تحليل بيانات الاستثمار الزراعي، وبرنامج أبحاث الجماعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية حول السياسات والمؤسسات والأسواق تحت إشراف المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.ه