تتبع وتعزيز التقدم المحرز نحو تحقيق المساواة بين الجنسين وسط تحول للنظم الغذائية
١١ مايو ٢٠٢١
بقلم جميما نجوكي - مديرة المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بأفريقيا، وأمينة لجنة قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية، المعنية بعوامل التغيير الشامل المتمثلة في المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.ه
ه© سارين أرسلانيان / شاترستوك
تلعب المرأة أدوارًا حاسمة في النظم الغذائية – كمنتجة ومُصنعة وتاجرة ومستهلكة وعالمة وصانعة سياسات. تبلغ نسبة النساء العاملات في قطاع الزراعة على مستوى العالم 43٪ في المتوسط، ويُعتبرن عوامل أساسية للتغيير الذي يستهدف ضمان التحول إلى نظم غذائية أكثر كفاءة وقدرة على الصمود أمام تغير المناخ. ويرتبط تمكين المرأة بتحسين وضع الأمن الغذائي، وإدارة آثار تغير المناخ بشكل أفضل، وتوفير تغذية أفضل للنساء وأسرهن ومجتمعاتهن.ه
ومع ذلك، غالبًا ما لا يؤخذ برأي المرأة في العمليات المتعلقة بتحويل النظم الغذائية. وتشارك المرأة بنسبة منخفضة للغاية في المنظمات المعنية بالنظم الغذائية، التي تتنوع ما بين مجموعات المزارعين إلى شركات الأغذية العالمية، بل وتنخفض نسبة تمثيلهن أيضًا في وضع السياسات والمشهد السياسي. ويخالف هذا النقص في تمثيل المرأة وعدم الاعتبار لرأيها حقوق الإنسان، وغالبًا ما يؤدي إلى سياسات واستثمارات وبرامج لا ترقى إلى معالجة الأولويات والقيود الخاصة بالمرأة، أو تعزيز هدف المساواة بين الجنسين.ه
قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية المنعقدة في سبتمبر هي نقطة تحول حاسمة في عملية تحديد مسار جديد نحو تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين. ستجمع هذه القمة بين المئات من صانعي السياسات، والعاملين في مجال التنمية، وقادة الأعمال التجارية الزراعية، للإعراب عن التزامهم جميعًا باتخاذ إجراءات جريئة لتحول النظم الغذائية. وللتحرك نحو هذا التغيير وخلق المساءلة عن هذه الالتزامات، تقترح القمة من خلال عوامل التغيير الشامل المتمثلة في المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة إطلاق مبادرة 5050 للنظم الغذائية العالمية.ه
وفي حين أن الجهود السابقة للمساواة بين الجنسين قد ركزت على تمكين المرأة كمنتجة أو كرائدة أعمال أو كمستهلكة، تحول هذه المبادرة الجديدة التركيز نحو المؤسسات - حيث يُمكن إحداث مزيد من التأثير من حيث تمكين أعداد كبيرة من النساء، كما تنقل المبادرة محور التركيز من "إصلاح النساء" إلى إصلاح قضايا عدم المساواة في الأنظمة التي تعمل فيها النساء، بما في ذلك الأنظمة المؤسسية.ه
تسعى المبادرة إلى حشد المئات من المنظمات العاملة في النظم الغذائية للتعهد برفع أصوات النساء وتمثيلهن، وتحقيق التكافؤ بين الجنسين في تقلد المناصب القيادية، والمساواة بين الجنسين في كل من سياسات وبرامج هذه المنظمات وثقافتها التنظيمية. ومن الجوانب المحورية لهذه الجهود، وضع مؤشر يقيس الأداء التنظيمي من حيث المساواة بين الجنسين.ه
يجب تضخيم أصوات منظمات حقوق المرأة والحركات النسائية في النظم الغذائية. وتحظى المؤسسات اليوم بفرصة هائلة للتقدم والالتزام والعمل على تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، وهو ما يجعل النظم الغذائية منصفة وعادلة. ويُمكن أن تستفيد المرأة من النظم الغذائية بعدة طرق من بينها: مشاركة المرأة في مختلف مراحل النظام الأساسية، بما في ذلك مرحلة الإنتاج والتجهيز والتجارة، وتوفير فرص العمل التي تشتد الحاجة إليها، وزيادة دخل المرأة، وتوفير أغذية مغذية وصحية.ه
كانت مبادرة 5050 للصحة العالمية هي مصدر الإلهام لمبادرة 5050 للنظم الغذائية، وهي مبادرة بحثية مستقلة تُثري وتلهم وتشجع على العمل والمساءلة من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين والعدالة الصحية. وتنشر مبادرة 5050 للصحة العالمية مؤشرًا سنويًا يٌقيم أكثر من 200 منظمة تعمل في مجال الصحة العالمية، ومنها شركات القطاع الخاص والمنظمات غير الربحية والمؤسسات البحثية. ويتناول هذا المؤشر أربعة مجالات رئيسية: التزامات تحقيق الإنصاف، وضع سياسات للمساواة بين الجنسين والتنوع في مكان العمل؛ وتحقيق التوازن بين الجنسين والتوازن الجغرافي في المناصب القيادية في مجال الصحة العالمية؛ وما إذا كان يتم تناول قضايا النوع الاجتماعي في السياسات والبرامج الصحية.ه
يتضح من مؤشر 2021 أنه على الرغم من أن الطريق لا يزال طويلاً، إلا أن المؤسسات التي شملتها الدراسة لديها قد زادت من التزامها بتحقيق المساواة بين الجنسين، وأصبحت أكثر شفافية بشأن سياساتها المتعلقة بخلق بيئات عمل متنوعة وشاملة ومنصفة. مقارنةً بعام 2018، في عام 2020، زادت المؤسسات التي وضعت خطط للمساواة بين الجنسين في مكان العمل بنسبة 24%، بينما زادت المؤسسات التي أنشأت فرق قيادية عليا بنسبة 15٪، وزادت المؤسسات التي أنشأت أجهزة إدارية ثلث أعضائها على الأقل من النساء بنسبة 11%. وتسمح الطبيعة العامة للمؤشر بتحسين مشاركة الممارسات وتحفيز المؤسسات على إجراء تحسينات.ه
يهدف مؤشر 5050 للنظم الغذائية العالمية إلى العمل مع أكثر من 200 منظمة من المنظمات المعنية بالنظم الغذائية ومنظمات المنتجين وشركات الأغذية والمؤسسات العالمية غير الربحية والمؤسسات البحثية – لإجراء تقييم سنوي لالتزامها وأدائها في ثلاثة مجالات رئيسية تتعلق بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وهي كالتالي:ه
التزام بتحسين تمثيل المرأة ورفع صوتها وتقليدها مناصب قيادية. لتمثيل المرأة في القيادة أثرًا إيجابيًا على الأداء التنظيمي. من بين الشركات المدرجة في قائمة مجلة فورشن لأفضل 500، تفوقت الشركات التي تضم ثلاث نساء أو أكثر في مجالس إدارتها بشكل ملحوظ على الشركات ذات التمثيل النسائي الأقل في مجالس الإدارة، حيث حققت زيادة بنسبة 84٪ على العائد على المبيعات، و60٪ على العائد على رأس المال المستثمر، و46٪ على العائد على حقوق الشراكة.ه
الالتزام بتحقيق المساواة بين الجنسين في الأهداف والأنشطة. هناك ترابط وثيق بين النظم الغذائية والمساواة بين الجنسين. يؤثر كل من دور المرأة، والاختلافات في الوصول إلى الموارد والتحكم فيها، والأعراف الاجتماعية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، والسياسات القائمة والحوكمة، على كيفية مشاركة الرجال والنساء في النظم الغذائية والاستفادة منها، مما يؤدي إلى اختلافات في النتائج الإجمالية. ولضمان اتسام النظم الغذائية بالعدالة والإنصاف، يجب أن تركز المنظمات على المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات. وتشير الأدلة إلى أن تمكين المرأة يسفر عن زيادة الإنتاجية الزراعية وتحسين الأمن الغذائي والتغذوي. ومع ذلك، لا يتم إدراج اعتبارات النوع الاجتماعي دائمًا في تدخلات النظم الغذائية. على سبيل المثال، تبين من تحليل حديث أجرته منظمة كير أنه من بين 73 تقريرًا تنظيميًا عالميًا تقترح حلولًا لمعالجة أزمات الجوع في ظل جائحة كوفيد-19، النصف تقريبًا - 46٪ - لم يشر إلى النساء والفتيات على الإطلاق؛ ولم يقم أي منها بتحليل أو آثار الجائحة وأزمات الجوع على الجنسين؛ واقترحت نسبة لا تتجاوز 7٪ من تلك التقارير إجراءات ملموسة لحل قضية عدم المساواة بين الجنسين التي تعرقل النظم الغذائية – بينما تجاهلت النسبة المتبقية من هذه التقارير النساء والفتيات.ه
الالتزام بالسعي نحو تحقيق المساواة بين الجنسين ضمن ثقافة المؤسسات وسياساتها. تعتبر معالجة وتحسين الثقافة التنظيمية لعلوم ونظم الأغذية ومناخها أمرًا ضروريًا لشعور المرأة بالراحة والأمان والدعم والنجاح والاحترام. وتشمل الاستراتيجيات الفعالة وضع سياسة لمكان العمل تستهدف فئات متنوعة، وتطوير الكفاءات الأساسية لجميع الموظفين بخصوص مبادئ الإنصاف والقيادة الشاملة.ه
يعتبر تناول هذه الجوانب الثلاثة للمساواة بين الجنسين أمرًا مهمًا لتمكين المرأة ولضمان استفادتها، كما يمكنها تحسين أداء المؤسسات من حيث المحصلة النهائية، وتوسيع قاعدتها السوقية، وإحداث مزيد من الأثر في المجتمعات والأسواق حيث تعمل تلك المؤسسات.ه
يمكن أن يكون مؤشر 5050 للنظم الغذائية العالمية أداة مهمة لإرساء المساواة بين الجنسين حول العالم. لكننا بدأنا للتو في تطوير المشروع. وفي الوقت الحالي، هناك حاجة إلى أمرين أساسيين: الممولون، من أجل دعم تطوير المؤشر، وعدد كبير من المنظمات المعنية بالنظم الغذائية (أو أوائل المعتمدين) الذين هم على استعداد لاستخدام المؤشر.ه
جميما نجوكي مديرة المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بأفريقيا، وأمينة لجنة قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية، المعنية بعوامل التغيير الشامل المتمثلة في المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.ه
**
ظهر هذا المنشور لأول مرة كجزء من سلسلة خاصة من تحليلات قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية وتحويل النظم الغذائية، يمكن قراءة المنشور هنا. السلسة بالكامل موجودة هنا. ه
رابط ذو صلة:ه
الحوار المستقل لقمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية في مصر: "دور الأمن المائي في تحويل النظم الغذائية"ه