١٨ أغسطس ٢٠٢١
بقلم إميلي برود ليب ودوغ أوبراين
إميلي برود ليب أستاذة إكلينيكية في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، ومديرة عيادة قانون وسياسة الغذاء في كلية الحقوق. دوغ أوبراين نائب مدير البرامج بشبكة فود بانكنج العالمية.ه
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة الأصلية باللغة الانجليزية.ه
يتم فقد أو هدر نسبة تصل إلى ثلث جميع الأغذية المنتجة، فبدلاً من وصول هذه الأغذية إلى ما يقدر بنحو ٨١١ مليون شخص ممن يواجهون الجوع حول العالم، ينتهي بها الأمر إلى القمامة، ثم تتحلل، مساهمةً بذلك بنسبة ٨ ٪ إلى ١٠ ٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. يحدث الفقد والهدر عبر سلاسل الإمداد الغذائي: في المزارع، بسبب المنتجات الفائضة أو غير الكاملة، وفي المراحل النهائية بسبب البنية التحتية غير الملائمة للتخزين، وحيرة المستهلك، أو السلوكيات غير الصحيحة.ه
وهناك سبب آخر مهم - وإن كان أقل وضوحًا وهو: السياسات والقوانين التي تمنع إعادة توزيع فائض الأغذية السليمة والمغذية على المحتاجين، وتبقيها بعيدًا عن مدافن
النفايات.ه
تأخذ هذه الحواجز أشكالًا مختلفة. قد يتخوف المنتجون من تحمل مسؤولية التبرع بفائض الغذاء بسبب المشكلات المحتملة التي تتعلق بالسلامة والصحة. ومن ناحية أخرى، قد تؤدي السياسات الضريبية إلى جعل مثل هذه التبرعات أكثر تكلفة مقارنةً بتكلفة التخلص من فائض الأغذية. وقد يشعر المستهلكون بالحيرة بشأن ما إذا كانت ملصقات التاريخ الموجودة على الأغذية تشير إلى سلامتها، أم لكونها طازجة. ورغم أن سلاسل الإمداد الغذائي الأكثر قوة وكفاءة قد حسنت وصول الملايين إلى الغذاء، فإن القوانين الوطنية المختلفة المتعلقة بالتبرعات الغذائية تعقد جهود استعادة الغذاء وإعادة توزيعه، بل وأحيانًا تمنعها. ويؤدي هذا الافتقار إلى الوضوح القانوني عبر البلدان إلى عرقلة التقدم على مستوى العالم في الحد من فقد الأغذية وهدرها ومكافحة الجوع.ه
أجرت عيادة قانون وسياسة الغذاء في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، وشبكة فود بانكنج العالمية دراسة بحثية مشتركة، بهدف تحليل مثل هذه القوانين والمقارنة بينها في أكثر من عشرات البُلدان. وأوضحت نتائج هذه الدراسة إمكانية صياغة القوانين والسياسات بهدف زيادة التبرعات الغذائية وفرص الوصول إلى الغذاء، وفي نفس الوقت تقليل المُهدر من الأغذية، وبالتالي دعم البلدان وأهم الشركاء – مثل بنوك الطعام، ومنظمات استرداد الأغذية، والشركات – في مسارها نحو تحقيق النظم الغذائية المستدامة.ه
السياسات الناجحة للتبرع بالغذاء
ومن الأمثلة على هذه القوانين، قوانين المساءلة. في عام ٢٠١٨، لمعالجة مخاوف المانحين التي تسببها احتمالية التعرض للمساءة القانونية، قامت الأرجنتين بتوسيع نطاق قانون التبرع بالأغذية لتوفير الحماية اللازمة من المساءلة. وبين عامي ٢٠١٩ و ٢٠٢٠ ، زادت التبرعات الغذائية المقدمة إلى شبكة بنوك الطعام الوطنية في البلاد، بنسبة ١١٩ ٪، بمساعدة جزئية بفضل مراجعة قانون التبرع بالأغذية وإجراء تغييرات أخرى في السياسة - مما يوفر لبنوك الطعام موردًا مهمًا لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء بسبب جائحة كوفيد- ١٩.ه
مثال آخر هو سياسات وضع بطاقات التاريخ التي يمكن أن تتضمن مصطلحات تسبب الحيرة للمتبرعين بالأغذية مثل "البيع حتى" أو "تاريخ انتهاء الصلاحية" أو "يٌفضل الاستخدام قبل" قد تربك المتبرعين بالأغذية ومنظمات استرداد الأغذية والأفراد. وفي المملكة المتحدة، تميز الملصقات الغذائية الموحدة بين التواريخ التي تشير إلى السلامة وتلك التي تشير إلى الجودة. ولمعالجة هذه المشكلة، تعاونت الأجهزة الحكومية بالمملكة المتحدة مع بعض المنظمات، مثل WRAP ، من أجل زيادة توضيح متطلبات سلامة الأغذية والتواريخ الموضحة عليها في سياق بيع الأغذية والتبرع بها. وقد ساعدت هذه الحملات منذ عام ٢٠٠٧ في تقليل حجم المهدر من الغذاء في المملكة المتحدة بمقدار ١.٦ مليون طن سنويًا .ه
غالبًا ما يُشار إلى تكاليف النقل والتخزين كأسباب تحوُل دون إقدام شركات تصنيع الأغذية وتجار التجزئة والمطاعم على التبرع بالغذاء. في كولومبيا، فرضت الحكومة حافزًا ضريبيًا على الإيرادات الوطنية لمكافأة دافعي الضرائب من الأفراد والشركات الذين يتبرعون بفائض الطعام الآمن لبنوك الطعام أو المنظمات غير الربحية المسجلة، وذلك بتعويضهم عن تكاليف التبرع، حتى يصبح التبرع خيارًا ميسور التكلفة. وقد تمكنت شبكة بنوك الطعام الكولومبية من استرداد وتوزيع ما يقدر بنحو ٢٥٬٠٨٩ طنًا من الغذاء لأكثر من ٦٥٠ ألف شخص في جميع أنحاء البلاد، بفضل القوانين والسياسات القوية التي تنفذها الحكومة.ه
في كل من الحالات السابقة، لاحظنا أن السياسات المتبعة قد سمحت بالاستخدام الأفضل للطعام الزائد، وعززت النظام الغذائي من خلال توزيع الفائض على نحو يتسم بالفعالية والمسؤولية الاجتماعية، وإنقاذ كميات أكبر من الغذاء من أن ينتهي بها الحال في مكبات النفايات. إيجازًا لما سبق، تعود مثل هذه السياسات بالنفع على البشر وعلى كوكب الأرض.ه
استشراف المستقبل
مما لا شك فيه نجد أن مشكلة فقد الأغذية وهدرها هي مشكلة متعددة الأوجه، وهذه التغييرات في السياسة ليست سوى جزء من الحل. ومن خلال سلسلة الإمدادات الغذائية - من الإنتاج إلى النقل والتخزين إلى التوزيع - هناك مجال كبير لتقديم الدعم الإضافي وتحسين البنية التحتية والممارسات وبناء القدرات.ه
وبينما يجتمع صانعو السياسات على مستوى العالم لتقديم حلول جذرية أثناء قمة الأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية المقرر عقدها في الأشهر المقبلة، فهناك فرصة كبيرة متاحة أمامهم.ه
لقد حان الوقت الآن ليفكر قادة الحكومات في كيفية قيام بيئات السياسات الوطنية بتمكين أو عرقلة التقدم نحو القضاء على الجوع والاستهلاك المسؤول، ويجب أن تكون تشريعات التبرعات الغذائية البند الأول الذي يُعزز الأمن الغذائي ويُقلل من هدر الغذاء. والجدير بالذكر أننا قد أعددنا مخططًا يعتمد على نجاح البلدان في جميع أنحاء العالم، ويسلط الضوء على أفضل السياسات والممارسات، فدعونا نستخدمه لبناء نظام غذائي مستدام.ه
**
ظهر هذا المنشور لأول مرة كجزء من سلسلة خاصة من التحليلات المتعلقة بقمة الأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية وتحويل النظم الغذائية، ويمكن الاطلاع على هذا المنشور بالنقر هنا. لمشاهدة السلسلة الكاملة انقر هنا.ه