كيبروم اباى وحسام إبراهيم وكليمنس بريسنجر وعلى عبد الهادي
تكاد معدلات السمنة وفرط الوزن ان تتضاعف ثلاث مرات منذ عام ١٩٧٥ ومن المتوقع ان تستمر في الارتفاع على مدار العقود القادمة (شيكار وبوبكن، ٢٠٢٠). يبدوا هذا الاتجاه أكثر حدة في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط بالمقارنة بمثيلاتها ذات الدخل المرتفع حيث تنخفض هذه المعدلات تدريجياً (ان جى واخرون،٢٠١٤). يعتبر معدل السمنة وفرط الوزن من المشاكل الصحة العامة الرئيسية المرتبطة ارتباطاً وثيقًا بمعدلات انتشار الامراض غير المُعدية مثل مرض السكرى وأمراض القلب و الأوعية الدموية والتي من المتوقع ان تبلغ التكلف اقتصادات الدول ذات الدخل المنخفض و المتوسط ما يقرب من ٧ مليار دولار أمريكي خلال الخمسة عشر سنة القادمة مما يضع المزيد من الأعباء المالية علي هذه الاقتصادات الضعيفة بالفعل (شيكار وبوبكن،٢٠٢٠).
توثر السياسات الحكومية على توافر وتكلفة الغذاء، فما الدور الذي تلعبه في هذا الاتجاه؟ يظهر هذا البحث من فريق المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بمصرعدة طرق التي يمكن ان توثر من خلالها السياسات الغذائية على معدلات فرط الوزن والسمنة المرتفعة أصلا ف
ي الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط. ترتبط السياسات التجارية - ولا سيما التعريفات الجمركية - ارتباطًا وثيقًا بالمعدلات الأخيرة للسمنة، حيث تؤثر تجارة الغذاء على العرض والطلب من الاغذية "غير الصحية". على المستوى المالي، فان السياسات التي تشمل دعم المدخلات الغذائية والزراعية تعتبر أيضا عاملا يجب وضعه في الاعتبار.
لاستكشاف هذه الروابط، تُركز تحليلاتنا على كيفية قيام التغيير في الدعم الحكومي على الغذاء وأيضا معدلات التعريفات الجمركية بتفسير التغيير في معدلات فرط الوزن والسمنة في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وكيف تختلف هذه التأثيرات مع اختلاف شرائح الثروة للأسرة.
قمنا بدمج مؤشرات الاقتصاد الكلى والجزئي للعديد من الدول ذلت الدخل المنخفض والمتوسط على مدار سنوات عدة اثناء اجراء هذه الدراسة. تم استخراج البيانات الكلية من مصدرين هما: قاعدة بيانات منظمة التجارة العالمية لمعدلات التعريفة الجمركية للعديد من المنتجات الغذائية وقاعدة بيانات مؤشر التنمية العالمية التابعة للبنك الدولي من اجل الحصول على نسبة الانفاق الحكومي على الدعم. اما البيانات على مستوى الاقتصاد الجزئي تم الحصول عليها من برنامج المسوح الديموغرافية والصحية والذي يوفر معلومات انثروبيمترية من العديد من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وجدنا ان معدلات التعريفة الجمركية المفروضة على السكر والحلويات والدهون والزيوت ترتبط سلبًا بمعدلات فرط الوزن والسمنة. بمعنى أخر، فان خفض التعريفة الجمركية على هذه المنتجات مُرتبط بزيادة فرط الوزن والسمنة. وفي نفس الوقت، مع زيادة نسبة إنفاق الحكومة على الدعم - بما فيها السلع الاستراتيجية مثل القمح والأرز والذرة والسكر وزيت الطهي و الحبوب، تزداد أيضًا نسبة فرط الوزن والسمنة. هذه النتائج معززة بالعديد من المواصفات النموذجية - مما يشير إلى انا تغير هذه السياسات الغذائية بشكل معين من الممكن ان يحد من الزيادة في معدلات السمنة وفرط الوزن وبالتالي الامراض غير المُعدية في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
كيف تختلف هذه العلاقات حسب الثروة؟
تشير النتائج ان السياسات التجارية والمالية - وكذلك الإصلاحات المحتملة - لها تأثير أكبر على الأسر الافقر والتي تخصص جزء أكبر من الدخل لاستهلاك الغذاء مقارنة بالأكثر ثراءً. نظرًا لأن الغذاء الصحي أكثر تكلفة بالنسبة الاُسر الفقيرة، فإنهم أقل قدرة على تحمل تكاليف الوجبات الصحية وأكثر اعتمادًا على الاغذية غير الصحية الغنية بالطاقة. تشير نتائجنا إلى أن العلاقة بين معدلات التعريفة الجمركية على الأغذية غير الصحية ووزن الجسم اقوى بالنسبة للأسر الأشد فقراً.
تُظهر الأدلة أن نفاقات برامج الدعم الحكومي في الدول ذات الدخل المنخفض و المتوسط تذهب بشكل أساسي إلى الدعم المباشر فما في ذلك القمح والأرز والذرة والسكر وزيت الطهي بالإضافة الى دعم المدخلات الزراعية و العديد منها للمحاصيل الأساسية مثل الحبوب. . ومن ثم فإن الإعانات تشجع على استهلاك الأغذية غير الصحية في الاسر الافقر.
وعلى العكس من ذلك، تشير هذه النتائج البحث إلى أن إصلاح هذه البرامج يمكن أن يفيد الأسر الافقر بشكل غير متناسب.
بشكل عام، تشير نتائجنا الى أهمية دمج سياسة الصحة العامة مع الإصلاحات المتعلقة بالسياسات التجارية والمالية لمواجهة الارتفاع غير المسبوق في فرط الوزن والسمنة وانه على حكومات الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط ان تنظر بشكل أكثر فاعلية في السياسات التجارية والمالية المراعية للتغذية. يمكن الاستفادة من العلاقة القوية بين السياسات التجارية والمالية (التعريفة الجمركية والدعم) من ناحية واستهلاك الأطعمة غير الصحية ووزن الجسم من ناحية أخرى من أجل مكافحة فرط الوزن والسمنة والامراض غير المُعدية المرتبطة بهما.
يمكن ان يؤدى إصلاح برامج الدعم لتشجيع استهلاك أنظمة غذائية أكثر صحة وتنوعًا (يما في ذلك برامج التحويلات النقدية الموجهة بدقة) الى تقليل انتشار معدلات فرط الوزن والسمنة بالإضافة الى مواجهة العبء المزدوج لسوء التغذية. على الرغم من أن إصلاح السياسات التجارية من الممكن ان يكون عملية طويلة المدى تتطلب مفاوضات معقدة واتفاقات دولية، إلا أن الاتفاقات التجارية المراعية للتغذية يمكن ان تساعد الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط على تقليل الآثار السلبية المحتملة لتحرير التجارة.
كيبروم اباى: زميل باحث ومدير برنامج مصر التابع للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، حسام إبراهيم: طالب دكتوراه في قسم الاقتصاد التطبيقي بجامعة منيسوتا، كليمس بريسنجر: زميل أبحاث اول ومدير برنامج كينيا التابع للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، على عبد الهادي: أخصائي تواصل أول بالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.
تم ترجمة هذه المدونة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، وهذا رابط المدونة باللغة الانجليزية
تم تقديم الدعم لهذا البحث من قبل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو).