تحقيق التوازن بين النمو والمساواة والحماية الاجتماعية في مصر
بقلم كليمنس بريسينجر، وسيكاندرا كردي، وروان هاني، ومريم رؤوف[1]
يشهد قطاع الطاقة ارتفاعًا في التكاليف في مصر، وأدى نقص الكهرباء إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكلٍ مجدول منذ أغسطس 2023. لذا ينبغي فهم المفاضلات المتأصلة في نظام دعم الطاقة لتمكين صُنّاع السياسات من رسم المسار الأفضل في هذه الفترة الاقتصادية الصعبة.
وفي نوفمبر 2023، ارتفع سعر البنزين بنسبة 12 في المائة من 10.25 جنيه إلى 11.50 جنيه للتر. وتحظى أسعار الكهرباء والبنزين والديزل في مصر بدعمٍ كبير، لكن هذا الدعم يفرض عبئًا ثقيلًا على الموازنات الحكومية خاصةً مع ارتفاع الأسعار العالمية بسبب الحرب في غزة. ومن المتوقع تخصيص ما يقرب من 4 في المائة من موازنة الحكومة لدعم الوقود والكهرباء. كما تأثرت واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل بشكلٍ مباشر بالصراع.
وفي الوقت نفسه، أقرت الحكومة بأن خفض استهلاك الكهرباء لدعم الصادرات يعد مصدرًا حاسمًا للعملة الصعبة خلال أزمة الديون. وصرح مسؤول من وزارة الكهرباء أن خفض الاستهلاك المحلي يأتي بدافع الحاجة إلى الحفاظ على الغاز لتصديره، وأشار الرئيس السيسي إلى توفير 300 مليون دولار من قطع الكهرباء.
ورغم قيام الحكومة المصرية برفع أسعار الوقود، كما هو موضح في الشكل التالي، فإن معدلات الدعم لا تزال مرتفعة بسبب الارتفاع العالمي في الأسعار.
وقد سلطت الأعمال السابقة التي قام بها باحثو المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية الضوء على الآثار التشويهية لمنظومة دعم الطاقة في مصر على المدى الطويل، كما أوضحت أن التعديلات على هذه المنظومة ستؤدي إلى آثار مؤلمة على المدى القصير.
تتناول الورقة البحثية الأخيرة التي تحمل عنوان "إصلاح دعم الطاقة من أجل النمو والعدالة في مصر: نهج مهم" رحلة مصر لإصلاح هذا الدعم، وتسلط الضوء على صعوبة تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة، مع مراعاة أهمية توفير الحماية الاجتماعية. وعلى الرغم من أن الدعم في البداية كان مصممًا كأدوات لإعادة توزيع الثروة والحماية من تقلب أسعار الطاقة، إلا أنه أدى بشكل غير متعمد إلى تحدياتٍ مالية وفوائد غير متناسبة للفئات الأكثر ثراءً.
ولتسليط الضوء على الديناميكيات المعقدة لهذا الأمر، استخدم مؤلفو هذا المقال نموذج توازن عام ديناميكي يمكن حسابه يعكس مدى التفاعل بين الأنشطة المرتبطة بالطاقة وتأثيراتها غير الثابتة عبر قطاعات الزراعة وإنتاج الطاقة والتصنيع والخدمات. وتشير النتائج المستندة إلى النموذج إلى أن التعديلات الاقتصادية المرتبطة بإصلاحات دعم الطاقة في مصر تقدم صورة متعددة الأوجه. في أعقاب ارتفاع أسعار الطاقة مباشرةً، حدث انخفاض ملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ولكن مع مرور الوقت، تصبح التوقعات طويلة الأجل إيجابية، حتى مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة إلى أن يتم الإلغاء التدريجي للدعم حتى رفعه بالكامل. وتختلف هذه الديناميكية عبر القطاعات: فبينما يزدهر قطاع البناء والتشييد، يواجه قطاع التصنيع بعض التحديات، ويشهد التعدين، وخاصةً القطاعات المتعلقة بالنفط الخام والغاز الطبيعي، نموًا على المدى الطويل.
وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، تؤكد النتائج التي توصلنا إليها على أهمية مواصلة التدابير وتوسيع نطاقها، خاصةً مع الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة. ومن الجدير بالذكر أن التحويلات النقدية الموجهة إلى الأسر الأكثر ضعفًا أثبتت أنها استراتيجية أكثر فعالية وكفاءة من دعم السلع الغذائية واسعة النطاق (بريسنجر وآخرون، 2023). ولا يزال دعم الوقود يشكل النسبة الأكبر من نفقات برامج الحماية الاجتماعية في مصر، حيث يبلغ الإنفاق على دعم الوقود ما يقرب من ثلاثة أضعاف (120 مليار جنيه مصري مقابل 35 مليار جنيه مصري) نظام التحويلات النقدية الوطني تكافل وكرامة.
إن رحلة الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة لا تتعلق فقط بإعادة ضبط الوضع الاقتصادي، وإنما يتعلق الأمر بضمان عدم تخلف أحد عن الركب بينما نمضي في طريق تحقيق التنمية المستدامة. نعرض فيما يلي بعض التوصيات الرئيسية المتعلقة بالسياسات التي خلص إليها بحثنا:
• الإلغاء التدريجي هو الحل: قد يكون الإلغاء الفوري لدعم الطاقة أمرًا مزعجًا للاقتصاد، بينما يتيح الإلغاء التدريجي للقطاعات والأسر الوقت اللازم للتكيف مع ارتفاع أسعار الطاقة. وهذا النهج لا يخفف من الأثر الاقتصادي المباشر فحسب، بل يمهد الطريق أيضًا لتحقيق النمو والاستقرار على المدى الطويل.
• تعزيز بيئة الأعمال: إن اللوائح والقوانين التي تخدم بيئة الأعمال ضرورية لزيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية. وتعتبر تدابير بعينها مثل قانون الاستثمار الجديد بمثابة أولى الخطوات في الطريق الصحيح. ومن الممكن أن يؤدي تعزيز بيئة الأعمال إلى الإسراع بوتيرة التأثيرات الإيجابية لإصلاحات الدعم.
• مرونة سوق العمل: تعتبر إصلاحات قانون العمل والتدريب الفني والمهني للعاملين أمرًا بالغ الأهمية. وتضمن هذه التدابير تنقل العمالة، وخاصةً العمال غير المهرة، مما يسمح لهم بالانتقال بسلاسة في ظل بيئة اقتصادية متغيرة.
• تدابير الحماية الاجتماعية: مع الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة ينبغي الحرص على مواصلة تنفيذ تدابير الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاقها. وتسلط النتائج التي توصلنا إليها الضوء على مدى فعالية التوسع في برنامج دعم السلع الغذائية وتفعيل برامج التحويلات النقدية، إلا أن برامج التحويلات النقدية الموجهة، وخاصةً للأسر الأكثر فقرًا في المناطق الريفية والحضرية، تعد أكثر كفاءة في حماية الفئات الأكثر ضعفًا.
• إعادة تقييم دعم السلع الغذائية: رغم أن دعم السلع الغذائية قد لعب دورًا كبيرًا في حماية الأسر، إلا أنه يعاني من سوء الاستهداف والتوجيه في أغلب الأحيان. ومن شأن إعادة تقييم وتحسين هذا الدعم أن يضمن وصول المساعدة إلى من يحتاجون إليها بالفعل.
إن بحثنا الخاص بمنظومة دعم الطاقة في مصر يسلط الضوء على التفاعل الدقيق بين النمو الاقتصادي والمساواة والحماية الاجتماعية والحاجة إلى سياسات وتدخلات استراتيجية. ورغم أن الوضع المالي لمصر حاليًا حرج لدرجة أدت إلى تركيز الاهتمام على الحلول قصيرة المدى، فإن المنظور الأوسع الذي نعرضه في بحثنا يساعد في التشديد على ضرورة الإصلاحات طويلة المدى من أجل تحقيق النمو المستدام.
[1] لقد استخدمنا الذكاء الاصطناعي (ChatGPT) لتلخيص محتوى مقال المجلة: كليمنس، وبريسنجر، وموكاشوف، وعسكر، ورؤوف، ومريم، ومانفريد، ويبلت (2019): إصلاح دعم الطاقة من أجل النمو والمساواة في مصر: نهج مهم لسياسات الطاقة، ISSN 0301-4215، إلسفير، أمستردام، المجلد. 129، الصفحات 661-671، https://doi.org/10.1016/j.enpol.2019.02.059، https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0301421519301491. نتوجه بالشكر لكل من جاو كاو ومينا كيم على تعاونهما ودعمهما.