بقلم روب فوس
تتزايد خطورة حالة انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة يومًا بعد يوم. أشارت مدونة حديثة صدرت قبل 10 أيام فقط استنادًا إلى تقييم أجراه برنامج الأغذية العالمي إلى أنه خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، تم تهجير 80 في المائة من سكان غزة، وعانى أكثر من 80 في المائة منهم من نقص الغذاء. وينقل تقييم جديد أجرته مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي الحاد في أوائل ديسمبر/كانون الأول، صورة أكثر قتامة عن الوضع، إذ تشير تقديراته إلى نزوح 85 في المائة من السكان وتصنيف 93 في المائة من سكان غزة (البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة) في مستوى الأزمة أو المراحل الأسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل أو ما بعدها) (شكل رقم 1). وهذه هي أعلى نسبة من السكان الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد والحاد في أي سياق محدد منذ أن بدأت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل في إجراء هذه التقييمات قبل عشرين عامًا. ووفقًا للتقييم الذي أجرته المبادرة، صُنف أكثر من 15 في المائة من السكان (378,000 شخص) في المرحلة الخامسة، والتي تُعرف باسم "الكارثة"، وهي حالة معاناة على الأقل أسرة واحدة من كل خمس أسر في المنطقة من النقص الشديد في الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى - حتى مع وجود مساعدات إنسانية - حيث تظهر علامات المجاعة والموت والعوز بوضوح".
إن هذا الوضع المتدهور بالفعل يزداد سوءًا. ونظرًا لتفاقم الصراع شديد الحدة ومستوى النزوح المرتفع والمتزايد للغاية في محافظات جنوب القطاع، تتوقع مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل ولجنة مراجعة المجاعة التابعة لها أن أكثر من 30 في المائة من السكان في محافظات شمال القطاع، وأكثر من 25 في المائة من سكان المحافظات الجنوبية مثل رفح وخان يونس والمنطقة الوسطى من دير البلح سيدخلون على الأرجح مرحلة المجاعة خلال الأسابيع المقبلة. وفي الوقت نفسه، تتوقع المبادرة أن جميع سكان غزة سيدخلون في مرحلة الأزمة أو المراحل الأسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد (شكل رقم 2).
ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءًا مع استمرار الأعمال العدائية المكثفة، وضعف إمكانية الوصول إلى الغذاء، والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية في المنطقة. ويؤدي تدمير الخدمات الأساسية، بما في ذلك إمدادات مياه الشرب والخدمات الصحية، إلى زيادة خطر انتشار الأمراض المعدية. وفي حالة عدم وقف إطلاق النار قريبًا، من المتوقع أن يتم تهجير جميع سكان غزة تقريبًا، ليتركز معظمهم في منطقة المواصي وفي جميع أنحاء محافظة رفح، بينما تشير التوقعات إلى أن السكان المتبقين في المحافظات الشمالية، بما في ذلك غزة وشمال غزة، سيظلون في عزلة تامة، ولن تتمكن المنظمات الإنسانية من الوصول إليهم.
ويؤكد التصنيف المرحلي المتكامل أنه من المستحيل تجنب وقوع كارثة إنسانية كبرى دون الوقف الفوري للأعمال العدائية. إنهاء الحرب الدائرة والتوقف عن تدمير المنازل وسبل كسب العيش يعدان أمران ضروريان من أجل:
استعادة الوصول الآمن والمستدام إلى المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في جميع أنحاء قطاع غزة. وينبغي أن يشمل ذلك أيضًا إعادة فتح المعابر الحدودية أمام حركة المرور التجارية للسماح بدخول السلع الأساسية، مثل الوقود والغذاء والمياه والإمدادات الطبية ومواد الإيواء، إلى غزة وفي جميع أنحاءها دون قيود.
إضافةً إلى ما سبق، ينبغي تكثيف المساعدات الإنسانية الفورية متعددة القطاعات لجميع السكان في قطاع غزة، ومن بينهم السكان المعزولين، وينبغي تحديدًا العمل على توفير الغذاء الكافي، واستعادة الخدمات الصحية، وتوفير أماكن للمأوى، وإمدادات مياه الشرب، وغير ذلك من الاحتياجات الأساسية.
ينبغي كذلك العمل على استعادة وظائف البنية التحتية للخدمات الأساسية، وتوفير الظروف الملائمة كي يستعيد السكان سبل كسب عيشهم. وينبغي أن تشمل هذه الجهود الاستعادة الفورية لخطوط أنابيب المياه عبر الحدود، وإصلاح البنية التحتية للمياه، بما في ذلك محطات تحلية المياه ومعالجة المياه، والآبار، وإعادة توزيع الكهرباء، وتشغيل مرافق إدارة المخلفات، واستعادة شبكات التجارة والتوزيع، وتشغيل منشآت تصنيع الأغذية، كالمطاحن والمخابز، وغيرها من البنية التحتية الأساسية.
روب فوس هو مدير وحدة الأسواق والتجارة والمؤسسات في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، وعضو اللجنة التوجيهية للتصنيف المرحلي المتكامل.
التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء تستهدف تحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية وصنع القرار. وتستخدم الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة هذا التصنيف ونهجه التحليلي لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلدٍ ما، وفقًا للمعايير العلمية المعترف بها دوليًا.